للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تُخَاصِمْ وَأَنْتَ ظَالِمٌ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ أَنْ يُقِيمَ شَهَادَةَ الزُّورِ وَقَوْلُهُ {وَتُدْلُوا} فِي مَحَلِّ الْجَزْمِ بِتَكْرِيرِ حَرْفِ النَّهْيِ، مَعْنَاهُ وَلَا تُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: وَلَا تَأْكُلُوا بِالْبَاطِلِ وَتَنْسِبُونَهُ إِلَى الْحُكَّامِ، قَالَ قَتَادَةُ: لَا تُدْلِ بِمَالِ أَخِيكَ إِلَى الْحَاكِمِ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ ظَالِمٌ فَإِنَّ قَضَاءَهُ لَا يُحِلُّ حَرَامًا، وَكَانَ شُرَيْحٌ الْقَاضِي يَقُولُ: إِنِّي لَأَقْضِي لَكَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ ظَالِمًا وَلَكِنْ لَا يَسَعُنِي إِلَّا أَنْ أَقْضِيَ بِمَا يَحْضُرُنِي مِنَ الْبَيِّنَةِ وَإِنَّ قَضَائِي لَا يُحِلُّ لَكَ حَرَامًا.

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلَّالُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذَنَّهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ" (١) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: {لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا} طَائِفَةً {مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ} بِالظُّلْمِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِالْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ يَقْطَعُ بِهَا مَالَ أَخِيهِ {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أَنَّكُمْ مُبْطِلُونَ.

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٨٩) }

قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ} نَزَلَتْ فِي مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَثَعْلَبَةَ بْنِ غَنْمٍ الْأَنْصَارِيَّيْنِ قَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ الْهِلَالِ يَبْدُو دَقِيقًا ثُمَّ يَزِيدُ حَتَّى يَمْتَلِئَ نُورًا ثُمَّ يَعُودُ دَقِيقًا كَمَا بَدَأَ وَلَا يَكُونُ عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ (٢) ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ} وَهِيَ جَمْعُ هِلَالٍ مِثْلُ رِدَاءٍ وَأَرْدِيَةٍ سُمِّيَ هِلَالًا لِأَنَّ النَّاسَ يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ بِالذِّكْرِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ مِنْ قَوْلِهِمُ اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ إِذَا صَرَخَ حِينَ يُولَدُ وَأَهَلَّ الْقَوْمُ بِالْحَجِّ إِذَا رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ {قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} جَمْعُ مِيقَاتٍ أَيْ فَعَلْنَا ذَلِكَ لِيَعْلَمَ النَّاسُ أَوْقَاتَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالصَّوْمِ وَالْإِفْطَارِ وَآجَالَ الدُّيُونِ وَعَدَدَ النِّسَاءِ وَغَيْرَهَا، فَلِذَلِكَ خَالَفَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّمْسِ الَّتِي هِيَ دَائِمَةٌ عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا}


(١) رواه البخاري: في الأحكام - باب: موعظة الإمام للخصوم ١٣ / ١٥٧ وفي الشهادات. ورواه مسلم: في الأقضية - باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة برقم (١٧١٣) ٣ / ١٣٣٧. والمصنف في شرح السنة: ١٠ / ١١٠.
(٢) أخرجه ابن عساكر بسند ضعيف عن ابن عباس انظر الدر المنثور للسيوطي ١ / ٤٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>