للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الطَّاهِرِيُّ، حَدَّثَنَا جَدِّي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَزَّازُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعُذَافِرِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَسُبُّ أَحَدُكُمُ الدَّهْرَ [فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ] (١) ، وَلَا يَقُولَنَّ لِلْعِنَبِ الْكَرْمُ، فَإِنَّ الْكَرْمَ هُوَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ" (٢) .

وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنَّ الْعَرَبَ كَانَ مِنْ شَأْنِهِمْ ذَمُّ الدَّهْرِ، وَسَبِّهِ عِنْدَ النَّوَازِلِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَنْسُبُونَ إِلَيْهِ مَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الْمَصَائِبِ وَالْمَكَارِهِ، فَيَقُولُونَ: أَصَابَتْهُمْ قَوَارِعُ الدَّهْرِ، وَأَبَادَهُمُ الدَّهْرِ، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ: "وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ" فَإِذَا أَضَافُوا إِلَى الدَّهْرِ مَا نَالَهُمْ مِنَ الشَّدَائِدِ سَبُّوا فَاعِلَهَا، فَكَانَ مَرْجِعُ سَبِّهِمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِذْ هُوَ الْفَاعِلُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلْأُمُورِ الَّتِي يُضِيفُونَهَا إِلَى الدَّهْرِ، [فَنُهُوا عَنْ سَبِّ الدَّهْرِ] (٣) .

{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٥) قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٢٦) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (٢٧) وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) }

{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [أَيْ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ] (٤) ، {لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} . {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ} يَعْنِي الْكَافِرِينَ الَّذِينَ هُمْ أَصْحَابُ الْأَبَاطِيلِ، يَظْهَرُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ خُسْرَانُهُمْ بِأَنْ يَصِيرُوا إِلَى النَّارِ.

{وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً} بَارِكَةً عَلَى الرُّكَبِ، وَهِيَ جِلْسَةُ الْمُخَاصِمِ بَيْنَ يَدَيِ الْحَاكِمِ يَنْتَظِرُ الْقَضَاءَ.

قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ: إِنَّ فِي الْقِيَامَةِ سَاعَةٌ هِيَ عَشْرُ سِنِينَ، يَخِرُّ النَّاسُ فِيهَا جُثَاةً عَلَى رُكَبِهِمْ


(١) ما بين القوسين ساقط من "أ".
(٢) أخرجه مسلم في الألفاظ من الأدب وغيرها، باب: كراهة تسمية العنب كرمًا برقم: (٢٢٤٧) : ٤ / ١٧٦٣، والمصنف في شرح السنة: ١٢ / ٣٥٨.
(٣) ما بين القوسين ساقط من "ب".
(٤) ما بين القوسين ساقط من "أ".

<<  <  ج: ص:  >  >>