للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَطَّتِ السَّمَاءُ، وَحَقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعَةِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ" (١)

قَالَ الْسُّدِّيُّ: إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ فِي الْقُرْبَةِ وَالْمُشَاهَدَةِ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ: إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَيْهِ، كَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَالْمَحَبَّةِ وَالرِّضَا.

{وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦) وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ (١٦٧) لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨) لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٩) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (١٧٠) وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (١٧٣) }

{وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} قَالَ قَتَادَةُ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ صَفُّوا أَقْدَامَهُمْ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: صُفُوفُ الْمَلَائِكَةِ فِي السَّمَاءِ لِلْعِبَادَةِ كَصُفُوفِ النَّاسِ فِي الْأَرْضِ.

{وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} أَيْ: الْمُصَلُّونَ الْمُنَزِّهُونَ اللَّهَ عَنِ السُّوءِ، يُخْبِرُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ [النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (٢) أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ اللَّهَ بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْبِيحِ، وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَعْبُودِينَ، كَمَا زَعَمَتِ الْكُفَّارُ، ثُمَّ أَعَادَ الْكَلَامَ إِلَى الْإِخْبَارِ عَنِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ:

{وَإِنْ كَانُوا} وَقَدْ كَانُوا يَعْنِي: أَهْلَ مَكَّةَ، {لَيَقُولُونَ} لَامُ التَّأْكِيدِ.

{لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ} أَيْ: كِتَابًا مِثْلَ كِتَابِ الْأَوَّلِينَ.

{لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ فَكَفَرُوا بِهِ} أَيْ: فَلَمَّا أَتَاهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابُ كَفَرُوا بِهِ، {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} هَذَا تَهْدِيدٌ لَهُمْ.

{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} وَهِيَ قَوْلُهُ: "كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي" (الْمُجَادَلَةِ -٢١) .

{إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} أَيْ: حِزْبُ اللَّهِ لَهُمُ الْغَلَبَةُ بِالْحُجَّةِ وَالنُّصْرَةِ فِي الْعَاقِبَةِ.


(١) أخرجه الترمذي في الزهد، باب: في قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا" ٦ / ٦٠١ - ٦٠٣ وقال: "حسن غريب" وابن ماجه مطولا في الزهد، باب الحزن والبكاء برقم: (٤١٩٠) ٢ / ١٤٠٢، والإمام أحمد: ٥ / ١٧٣، وصححه الحاكم: ٢ / ٥١٠، وفي ٤ / ٥٧٩ وقال: صحيح الإسناد على شرط الشيخين وأقره الذهبي: وصححه الألباني في "الصحيحة" برقم (١٧٢٢) .
(٢) ما بين القوسين ساقط من "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>