للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ} جَزَاءَ أَعْمَالِكُمْ فِي الْآخِرَةِ، {وَلَا يَسْأَلْكُمْ} رَبُّكُمْ، {أَمْوَالَكُمْ} لِإِيتَاءِ الْأَجْرِ بَلْ يَأْمُرُكُمْ بِالْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ لِيُثِيبَكُمْ عَلَيْهَا الْجَنَّةَ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ: "مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ" (الذَّارِيَاتِ-٥٧) ، وَقِيلَ: لَا يَسْأَلُكُمْ مُحَمَّدٌ أَمْوَالَكُمْ، نَظِيرُهُ: "قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ" (الْفُرْقَانِ-٥٧) .

وَقِيلَ: مَعْنَى الْآيَةِ: لَا يَسْأَلُكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْوَالَكُمْ كُلَّهَا فِي الصَّدَقَاتِ، إِنَّمَا يَسْأَلَانِكُمْ غَيْضًا مِنْ فَيْضٍ، رُبْعَ الْعُشْرِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا. وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ ذَهَبَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، يدل عليه ١٢٨/ب سِيَاقُ الْآيَةِ:

{إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (٣٧) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (٣٨) }

{إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ} أَيْ يُجْهِدُكُمْ وَيُلْحِفُ عَلَيْكُمْ بِمَسْأَلَةِ جَمِيعِهَا، يُقَالُ: أَحْفَى فَلَانٌ فَلَانًا إِذَا جَهِدَهُ، وَأَلْحَفَ عَلَيْهِ بِالْمَسْأَلَةِ.

{تَبْخَلُوا} بِهَا فَلَا تُعْطُوهَا.

{وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ} بُغْضَكُمْ وَعَدَاوَتِكُمْ، قَالَ قَتَادَةُ: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْأَمْوَالِ خروج الأضغان. {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} يَعْنِي إِخْرَاجَ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، {فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ} بِمَا فُرِضَ عَلَيْهِ مِنَ الزَّكَاةِ، {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ} عَنْ صَدَقَاتِكُمْ وَطَاعَتِكُمْ، {وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ} إِلَيْهِ وَإِلَى مَا عِنْدَهُ مِنَ الْخَيْرِ. {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} بَلْ يَكُونُوا أَمْثَلَ مِنْكُمْ وَأَطْوَعَ لِلَّهِ مِنْكُمْ.

قَالَ الْكَلْبِيُّ: هُمْ كِنْدَةُ وَالنَّخْعُ، وَقَالَ الْحَسَنُ: هُمُ الْعَجَمُ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ: فَارِسٌ وَالرُّومِ.

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْكُوفَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ النَّجِيبِيُّ الْمِصْرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ النَّحَّاسِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّيِّبِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّيَّاشُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>