{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (١٠) }
{لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا} وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ أَنَسٍ أَنَّ الصَّحَابَةَ قَالَوا لَمَّا نَزَلَ "لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ": هَنِيئًا مَرِيئًا فَمَا يَفْعَلُ بِنَا فَنَزَلَ: "لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ" (١) الْآيَةَ.
{وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ} أَهْلَ النِّفَاقِ بِالْمَدِينَةِ وَأَهْلَ الشِّرْكِ بِمَكَّةَ، {الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ} أَنْ لَنْ يَنْصُرَ مُحَمَّدًا وَالْمُؤْمِنِينَ، {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} بِالْعَذَابِ وَالْهَلَاكِ، {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} .
{وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ} أَيْ تُعِينُوهُ وَتَنْصُرُوهُ، {وَتُوَقِّرُوهُ} تُعَظِّمُوهُ وَتُفَخِّمُوهُ هَذِهِ الْكِنَايَاتُ رَاجِعَةٌ إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وها هنا وَقْفٌ، {وَتُسَبِّحُوهُ} أَيْ تُسَبِّحُوا اللَّهَ يُرِيدُ تُصَلُّوا لَهُ، {بُكْرَةً وَأَصِيلًا} بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو: "وليؤمنوا، وَيُعَزِّرُوهُ، وَيُوَقِّرُوهُ، وَيُسَبِّحُوهُ" بِالْيَاءِ فِيهِنَّ لِقَوْلِهِ: فِي "قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ"، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّاءِ فِيهِنَّ.
{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ} يَا مُحَمَّدُ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَنْ لَا يَفِرُّوا، {إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} لِأَنَّهُمْ بَاعُوا أَنْفُسَهُمْ مِنَ اللَّهِ بِالْجَنَّةِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمِلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: قُلْتُ
(١) انظر فيما سبق ص ٢٥٢-٢٥٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute