للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَيْضَاءُ مِنَ السَّمَاءِ لَا دُخَانَ لَهَا وَلَهَا دَوِيٌّ وَحَفِيفٌ (١) فَتَأْكُلُهُ وَتُحْرِقُ ذَلِكَ الْقُرْبَانَ وَتِلْكَ الْغَنِيمَةَ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَامَةَ الْقَبُولِ وَإِذَا لَمْ يُقْبَلْ بَقِيَتْ عَلَى حَالِهَا.

وَقَالَ السُّدِّيُّ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَنْ جَاءَكُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ فَلَا تُصَدِّقُوهُ حَتَّى يَأْتِيَكُمْ بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ حَتَّى يَأْتِيَكُمُ الْمَسِيحُ وَمُحَمَّدٌ، فَإِذَا أَتَيَاكُمْ فَآمِنُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا يَأْتِيَانِ بِغَيْرِ قُرْبَانٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِقَامَةً لِلْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، {قُلْ} يَا مُحَمَّدُ {قَدْ جَاءَكُمْ} يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ {رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ} الْقُرْبَانِ {فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ} يَعْنِي: زَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَسَائِرَ مَنْ قَتَلُوا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَرَادَ بِذَلِكَ أَسْلَافَهُمْ فَخَاطَبَهُمْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ رَضُوا بِفِعْلِ أَسْلَافِهِمْ {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} مَعْنَاهُ تَكْذِيبُهُمْ مَعَ عِلْمِهِمْ بِصِدْقِكَ، كَقَتْلِ آبَائِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ، مَعَ الْإِتْيَانِ بِالْقُرْبَانِ وَالْمُعْجِزَاتِ، ثُمَّ قَالَ مُعَزِّيًا لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

{فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (١٨٤) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (١٨٥) }

{فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ} قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ " وَبِالزُّبُرِ " أَيْ: بِالْكُتُبِ الْمَزْبُورَةِ يَعْنِي: الْمَكْتُوبَةَ، وَاحِدُهَا زَبُورٌ مِثْلَ: رَسُولٍ وَرُسُلٍ، {وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ} الْوَاضِحِ الْمُضِيءِ.

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {كُلُّ نَفْسٍ} مَنْفُوسَةٍ، {ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} وَفِي الْحَدِيثِ: "لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ اشْتَكَتِ الْأَرْضُ إِلَى رَبِّهَا لِمَا أُخِذَ مِنْهَا فَوَعَدَهَا أَنْ يَرُدَّ فِيهَا مَا أُخِذَ مِنْهَا فَمَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا يُدْفَنُ فِي التُّرْبَةِ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا" (٢) ، {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ} تُوَفَّوْنَ جَزَاءَ أَعْمَالِكُمْ، {يَوْمَ الْقِيَامَةِ} إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ، {فَمَنْ زُحْزِحَ} نُجِّيَ وَأُزِيلَ، {عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} ظَفِرَ بِالنَّجَاةِ وَنَجَا مِنَ الْخَوْفِ، {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} يَعْنِي مَنْفَعَةٌ وَمُتْعَةٌ كَالْفَأْسِ وَالْقِدْرِ وَالْقَصْعَةِ ثُمَّ تَزُولُ وَلَا تَبْقَى.

وَقَالَ الْحَسَنُ: كَخُضْرَةِ النَّبَاتِ وَلَعِبِ الْبَنَاتِ لَا حَاصِلَ لَهُ.


(١) في ب: (وهفيف) .
(٢) لم يثبت بهذا اللفظ والذي يظهر والله أعلم أنه ليس بحديث وقد ذكره الخازن في تفسيره ولم يشر إلى أنه حديثه. انظر المطالب العالية ٣ / ٣٣٣ - ٣٣٤ فقد ورد قريبا منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>