{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (٧٧) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (٧٨) }
{قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} هَذَا أَمْرٌ بِمَعْنَى الْخَبَرِ مَعْنَاهُ: يَدَعُهُ فِي طُغْيَانِهِ وَيُمْهِلُهُ فِي كُفْرِهِ {حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ} وَهُوَ الْأَسْرُ وَالْقَتْلُ فِي الدُّنْيَا {وَإِمَّا السَّاعَةَ} يَعْنِي: الْقِيَامَةُ فَيَدْخُلُونَ النَّارَ {فَسَيَعْلَمُونَ} عِنْدَ ذَلِكَ {مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا} مَنْزِلًا {وَأَضْعَفُ جُنْدًا} أَقَلُّ نَاصِرًا أَهُمْ أَمِ الْمُؤْمِنُونَ؟ لِأَنَّهُمْ فِي النَّارِ وَالْمُؤْمِنُونَ فِي الْجَنَّةِ وَهَذَا رَدٌّ عَلَيْهِمْ فِي قَوْلِهِ {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا} قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} أَيْ إِيمَانًا وَإِيقَانًا على يقينهم ١٠/أ {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ} الْأَذْكَارُ وَالْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ الَّتِي تَبْقَى لِصَاحِبِهَا {خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا} عَاقِبَةً وَمَرْجِعًا. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ حَفْصٍ أَخْبَرَنَا أَبِي أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ حَدَّثَنَا خَبَّابٌ قَالَ: كُنْتُ قَيْنًا فَعَمِلْتُ لِلْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ فَاجْتَمَعَ مَالِي عِنْدَهُ فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ لَا أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ فَقُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ فَلَا قَالَ: وَإِنِّي لَمَيِّتٌ ثُمَّ مَبْعُوثٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: فَإِنَّهُ سَيَكُونُ لِي ثَمَّ مَالٌ وَوَلَدٌ فَأِقْضِيَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} (١) . قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَظَرَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ؟ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَعَلِمَ عِلْمَ الْغَيْبِ حَتَّى يَعْلَمَ أَفِي الْجَنَّةِ هُوَ أَمْ لَا؟
(١) أخرجه البخاري في التفسير سورة مريم باب "كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا" ٨ / ٤٣٠-٤٣١ وانظر: أسباب النزول للواحدي ص (٣٤٩) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute