للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَّالِيُّ: هِيَ النُّجُومُ إِذَا انْتَثَرَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالنَّجْمِ الْقُرْآنُ سَمِّيَ نَجْمًا لِأَنَّهُ نُزِّلَ نُجُومًا مُتَفَرِّقَةً فِي عِشْرِينَ سَنَةً، وَسُمِّي التَّفْرِيقُ: تَنْجِيمًا، وَالْمُفَرَّقُ: مُنَجَّمًا، هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْكَلْبِيُّ.

"الْهُوِّيُّ": النُّزُولُ مِنْ أَعْلَى إِلَى أَسْفَلَ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: "النَّجْمُ" هُوَ النَّبْتُ الَّذِي لَا سَاقَ لَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ" (الرَّحْمَنِ-٦) ، وَهُوِيُّهُ سُقُوطُهُ عَلَى الْأَرْضِ. وَقَالَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ: يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، وَ"الْهُوِيُّ": النُّزُولُ، يُقَالُ: هَوَى يَهْوِي هُوِيًّا [إِذَا نَزَلَ] (١) مِثْلُ مَضَى يَمْضِي مُضِيًّا.

{مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (٢) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (٧) }

وَجَوَابُ الْقَسَمِ: قَوْلُهُ: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ} يَعْنِي: مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا ضَلَّ عَنْ طَرِيقِ الْهُدَى {وَمَا غَوَى.} {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} أَيْ: بِالْهَوَى يُرِيدُ لَا يَتَكَلَّمُ بِالْبَاطِلِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْقُرْآنَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ.

{إِنْ هُوَ} مَا نُطْقُهُ فِي الدِّينِ، وَقِيلَ: الْقُرْآنُ {إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} أَيْ: وَحْيٌ مِنَ اللَّهِ يوحى إليه.

١٤٢/ب {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} جِبْرِيلُ، وَالْقُوَى جَمْعُ الْقُوَّةِ.

{ذُو مِرَّةٍ} قُوَّةٍ وَشِدَّةٍ فِي خَلْقِهِ يَعْنِي جِبْرِيلَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ذُو مِرَّةٍ يَعْنِي: ذُو مَنْظَرٍ حَسَنٍ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: ذُو خَلْقٍ طَوِيلٍ حَسَنٍ. {فَاسْتَوَى} يَعْنِي: جِبْرِيلَ.

{وَهُوَ} يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَكْثَرُ كَلَامِ الْعَرَبِ إِذَا أَرَادُوا الْعَطْفَ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يُظْهِرُوا كِنَايَةَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، فَيَقُولُونَ (٢) اسْتَوَى هُوَ وَفُلَانٌ، وَقَلَّمَا يَقُولُونَ: اسْتَوَى وَفُلَانٌ نَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُ: "أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا" (النَّمْلِ-٦٧) عَطَفَ الْآبَاءَ عَلَى الْمُكَنَّى فِي "كُنَّا" مِنْ غَيْرِ إِظْهَارِ نَحْنُ، وَمَعْنَى الْآيَةِ: اسْتَوَى جِبْرِيلُ وَمُحَمَّدٌ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ {بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى} وَهُوَ أَقْصَى الدُّنْيَا عِنْدَ مَطْلَعِ الشَّمْسِ، وَقِيلَ: "فَاسْتَوَى" يَعْنِي جِبْرِيلَ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ جِبْرِيلَ أَيْضًا أَيْ: قَامَ فِي صُورَتِهِ الَّتِي خَلَقَهُ


(١) زيادة من "ب".
(٢) في النسختين: فيقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>