للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سُورَةُ الْفِيلِ مَكِّيَّةٌ (١) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (١) }

{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} ؟ وَكَانَتْ قِصَّةُ أَصْحَابِ الْفِيلِ -عَلَى مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ -:

أَنَّ النَّجَاشِيَّ مَلِكَ الْحَبَشَةِ كَانَ قَدْ بَعَثَ "أَرْيَاطَ" إِلَى أَرْضِ الْيَمَنِ فَغَلَبَ عَلَيْهَا، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْحَبَشَةِ، يُقَالُ لَهُ: "أَبْرَهَةُ بْنُ الصَّبَاحِ" [أَبُو يَكْسُومَ] ، (٢) ، فَسَاخَطَ "أَرْيَاطَ" فِي أَمْرِ الْحَبَشَةِ، حَتَّى انْصَدَعُوا صَدْعَيْنِ، وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مَعَ أَرْيَاطَ، وَطَائِفَةٌ مَعَ أَبْرَهَةَ، فَتَزَاحَفَا فَقَتَلَ أَبْرَهَةُ، أَرْيَاطَ، وَاجْتَمَعَتِ الْحَبَشَةُ لِأَبْرَهَةَ، وَغَلَبَ عَلَى الْيَمَنِ وَأَقَرَّهُ النَّجَاشِيُّ، عَلَى عَمَلِهِ.

ثُمَّ إِنَّ أَبْرَهَةَ رَأَى النَّاسَ يَتَجَهَّزُونَ أَيَّامَ الْمَوْسِمِ إِلَى مَكَّةَ لِحَجِّ بَيْتِ اللَّهِ، فَبَنَى كَنِيسَةً بِصَنْعَاءَ وَكَتَبَ إِلَى النَّجَاشِيِّ: إِنِّي قَدْ بَنَيْتُ لَكَ بِصَنْعَاءَ كَنِيسَةً لَمْ يُبْنَ لِمَلِكٍ مَثَلُهَا، وَلَسْتُ مُنْتَهِيًا حَتَّى أَصْرِفَ إِلَيْهَا حَجَّ الْعَرَبِ، فَسَمِعَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ كِنَانَةَ [فَخَرَجَ إِلَيْهَا مُسْتَخْفِيًا] (٣) فَدَخَلَهَا لَيْلًا فَقَعَدَ فِيهَا وَتَغَوَّطَ بِهَا، وَلَطَّخَ بِالْعُذْرَةِ قِبْلَتَهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبْرَهَةَ فَقَالَ: مَنِ اجْتَرَأَ عَلَيَّ وَلَطَّخَ كَنِيسَتِي بِالْعُذْرَةِ؟ فَقِيلَ لَهُ: صَنَعَ ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَيْتِ سَمِعَ بِالَّذِي قُلْتَ، فَحَلَفَ أَبْرَهَةُ عِنْدَ ذَلِكَ: لِيَسِيرَنَّ إِلَى الْكَعْبَةِ حَتَّى يَهْدِمَهَا، فَكَتَبَ إِلَى النَّجَاشِيِّ يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَهُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ بِفِيلِهِ، وَكَانَ لَهُ فِيلٌ يُقَالُ لَهُ مَحْمُودٌ، وَكَانَ فِيلًا لَمْ يُرَ مِثْلُهُ عِظَمًا وَجِسْمًا وَقُوَّةً، فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ، فَخَرَجَ


(١) أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: أنزل (ألم تر كيف فعل ربك) بمكة انظر: الدر المنثور: ٨ / ٦٢٧.
(٢) ما بين القوسين زيادة من "أ".
(٣) ما بين القوسين زيادة من "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>