للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا} أَيْ: عَلَى جَنَّتِكَ {حُسْبَانًا} قَالَ قَتَادَةُ: عَذَابًا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نَارًا. وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: مَرَامِيَ (١) {مِنَ السَّمَاءِ} وَهِيَ مِثْلُ صَاعِقَةٍ أَوْ شَيْءٍ يُهْلِكُهَا وَاحِدَتُهَا: "حُسْبَانَةٌ" {فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} أَيْ أَرْضًا جَرْدَاءَ مَلْسَاءَ لَا نَبَاتَ فِيهَا وَقِيلَ: تَزْلَقُ فِيهَا الْأَقْدَامُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: رَمْلًا هَائِلًا.

{أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (٤١) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (٤٢) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (٤٣) هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (٤٤) }

{أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا} أَيْ: غَائِرًا مُنْقَطِعًا ذَاهِبًا لَا تَنَالُهُ الْأَيْدِي وَلَا الدِّلَاءُ وَ"الْغَوْرُ": مَصْدَرٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الِاسْمِ مِثْلُ: زَوْرٍ وَعَدْلٍ {فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا} يَعْنِي: إِنْ طَلَبْتَهُ لَمْ تَجِدْهُ. {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} أَيْ: أَحَاطَ الْعَذَابُ بِثَمَرِ جَنَّتِهِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَ عَلَيْهَا نَارًا فَأَهْلَكَتْهَا وَغَارَ مَاؤُهَا {فَأَصْبَحَ} صَاحِبُهَا الْكَافِرُ {يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ} أَيْ: يُصَفِّقُ بِيَدِهِ عَلَى الْأُخْرَى وَيُقَلِّبُ كَفَّيْهِ ظَهْرًا لِبَطْنٍ تَأَسُّفًا وَتَلَهُّفًا {عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ} أَيْ سَاقِطَةٌ {عَلَى عُرُوشِهَا} سُقُوفِهَا {وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا} قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ} جَمَاعَةٌ {يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ} يَمْنَعُونَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ {وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا} مُمْتَنِعًا مُنْتَقِمًا أَيْ: لَا يَقْدِرُ عَلَى الِانْتِصَارِ لِنَفْسِهِ وَقِيلَ: لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّ مَا ذَهَبَ عَنْهُ. {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ} يَعْنِي: فِي الْقِيَامَةِ قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ " الْوِلَايَةُ " بِكَسْرِ الْوَاوِ يَعْنِي السُّلْطَانَ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِ الْوَاوِ مِنَ: الْمُوَالَاةِ وَالنَّصْرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا" (الْبَقَرَةِ-٢٥٧) قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: يُرِيدُ أَنَّهُمْ يولَّونه يومئذ ويتبرؤون مِمَّا كَانُوا يَعْبُدُونَ.

وَقِيلَ: بِالْفَتْحِ: الرُّبُوبِيَّةُ وَبِالْكَسْرِ: الْإِمَارَةُ.

{الْحَقُّ} بِرَفْعِ الْقَافِ: أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ عَلَى نَعْتِ الْوِلَايَةِ وَتَصْدِيقُهُ قِرَاءَةُ أُبَيٍّ: {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقُّ} وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْجَرِّ عَلَى صِفَةِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ" (الْأَنْعَامِ-٦٢) .


(١) في "ب": مراملا.

<<  <  ج: ص:  >  >>