وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ لِلرِّبِّيِّينَ لَا غَيْرَ.
وَقَوْلُهُ {رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الرِّبِّيُّونَ الْأُلُوفُ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ الرِّبِّيَّةُ الْوَاحِدَةُ: عَشْرَةُ آلَافٍ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الرِّبِّيَّةُ الْوَاحِدَةُ: أَلْفٌ، وَقَالَ الْحَسَنُ: فُقَهَاءُ عُلَمَاءُ وَقِيلَ: هُمُ الْأَتْبَاعُ وَالرَّبَّانِيُّونَ الْوُلَاةُ، وَالرِّبِّيُّونَ الرَّعِيَّةُ، وَقِيلَ: مَنْسُوبٌ إِلَى الرَّبِّ وَهُمُ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الرَّبَّ، {فَمَا وَهَنُوا} أَيْ: فَمَا جَبُنُوا، {لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا} عَنِ الْجِهَادِ بِمَا نَالَهُمْ مِنْ أَلَمِ الْجِرَاحِ (١) وَقَتْلِ الْأَصْحَابِ. {وَمَا اسْتَكَانُوا} قَالَ مُقَاتِلٌ: وَمَا اسْتَسْلَمُوا وَمَا خَضَعُوا لِعَدُوِّهِمْ وَقَالَ السُّدِّيُّ: وما ذلوأ ٧١/أقَالَ عَطَاءٌ وَمَا تَضَرَّعُوا وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: وَمَا جَبُنُوا وَلَكِنَّهُمْ صَبَرُوا عَلَى أَمْرِ رَبِّهِمْ وَطَاعَةِ نَبِيِّهِمْ وَجِهَادِ عَدُوِّهِمْ، {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}
{وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (١٤٧) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٤٨) }
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ} نُصِبَ عَلَى خَبَرِ كَانَ وَالِاسْمُ فِي أَنْ قَالُوا، وَمَعْنَاهُ: وَمَا كَانَ قَوْلُهُمْ عِنْدَ قَتْلِ نَبِيِّهِمْ، {إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا} أَيِ: الصَّغَائِرَ، {وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا} أَيِ: الْكَبَائِرَ، {وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا} كَيْ لَا تَزُولَ، {وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} يَقُولُ فَهَلَّا فَعَلْتُمْ وَقُلْتُمْ مِثْلَ ذَلِكَ يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ.
{فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا} النُّصْرَةَ وَالْغَنِيمَةَ، {وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ} الْأَجْرَ وَالْجَنَّةَ، {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا} يَعْنِي: الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَعْنِي: الْمُنَافِقِينَ فِي قَوْلِهِمْ لِلْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ الْهَزِيمَةِ: ارْجِعُوا إِلَى إِخْوَانِكُمْ وَادْخُلُوا فِي دِينِهِمْ.
{يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} يُرْجِعُوكُمْ إِلَى أَوَّلِ أَمْرِكُمُ الشِّرْكِ بِاللَّهِ، {فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} مَغْبُونِينَ.
ثُمَّ قَالَ: {بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ} نَاصِرُكُمْ وَحَافِظُكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، {وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ}
(١) في "أ": (الجرح) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute