مِنَ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ، أَيْ آتَيْنَاهُ الْكِتَابُ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ تَمَامًا مِنِّي عَلَى إِحْسَانِي إِلَى مُوسَى.
{وَتَفْصِيلًا} بَيَانًا {لِكُلِّ شَيْءٍ} يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ شَرَائِعِ الدِّينِ، {وَهُدًى وَرَحْمَةً} هَذَا فِي صِفَةِ التَّوْرَاةِ، {لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَيْ يُؤْمِنُوا بِالْبَعْثِ وَيُصَدِّقُوا بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ.
{وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٥٥) أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (١٥٦) أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ (١٥٧) }
{وَهَذَا} يَعْنِي: الْقُرْآنَ، {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ} وَاعْمَلُوا بِمَا فِيهِ، {وَاتَّقُوا} وَأَطِيعُوا، {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
{أَنْ تَقُولُوا} يَعْنِي: لِئَلَّا تَقُولُوا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا" (النِّسَاءِ، ١٧٦) ، أي: لئلا تضلا وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنْزَلْنَاهُ كَرَاهَةَ {أَنْ تَقُولُوا} قَالَ الْكِسَائِيُّ: مَعْنَاهُ اتَّقُوا أَنْ تَقُولُوا يَا أَهْلَ مَكَّةَ، {إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} يَعْنِي: الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، {وَإِنْ كُنَّا} وَقَدْ كُنَّا، {عَنْ دِرَاسَتِهِمْ} قِرَاءَتِهِمْ، {لَغَافِلِينَ} لَا نَعْلَمُ مَا هِيَ، مَعْنَاهُ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْقُرْآنَ لِئَلَّا تَقُولُوا إِنَّ الْكِتَابَ أُنْزِلَ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا بِلِسَانِهِمْ وَلُغَتِهِمْ فَلَمْ نَعْرِفْ مَا فِيهِ وَغَفَلْنَا عَنْ دِرَاسَتِهِ، فَتَجْعَلُونَهُ عُذْرًا لِأَنْفُسِكُمْ.
{أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ} وَقَدْ كَانَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْكُفَّارِ قَالُوا ذَلِكَ لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا مَا أُنْزِلَ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لَكُنَّا خَيْرًا مِنْهُمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} حُجَّةٌ وَاضِحَةٌ بِلُغَةٍ تَعْرِفُونَهَا، {وَهُدًى} بَيَانٌ {وَرَحْمَةٌ} وَنِعْمَةٌ لِمَنِ اتَّبَعَهُ، {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ} أَعْرَضَ، {عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ} شِدَّةَ الْعَذَابِ {بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ} [يُعْرِضُونَ] (١) .
(١) ساقط من "ب".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute