للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (٢٦) }

{ذَلِكَ} أَيْ: ذَلِكَ الْعَذَابُ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ، {بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ} .

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا} يَعْنِي فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ {اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} قَالَ قَتَادَةُ: هَذَا غَيْرُ الْقَتْلِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ قَدْ أَمْسَكَ عَنْ قَتْلِ الْوِلْدَانِ، فَلَمَّا بُعِثَ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-أَعَادَ الْقَتْلَ عَلَيْهِمْ، فَمَعْنَاهُ أَعِيدُوا عَلَيْهِمُ الْقَتْلَ (١) {وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ} لِيَصُدُّوهُمْ بِذَلِكَ عَنْ مُتَابَعَةِ مُوسَى وَمُظَاهَرَتِهِ، {وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ} وَمَا مَكَرُ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ وَاحْتِيَالُهُمْ، {إِلَّا فِي ضَلَالٍ} أَيْ: يَذْهَبُ كَيْدُهُمْ بَاطِلًا وَيَحِيقُ بِهِمْ مَا يُرِيدُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.

{وَقَالَ فِرْعَوْنُ} لِمَلَئِهِ، {ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى} وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَنَّهُ كَانَ فِي خَاصَّةِ قَوْمِ فِرْعَوْنَ مَنْ يَمْنَعُهُ مِنْ قَتْلِهِ خَوْفًا مِنَ الْهَلَاكِ {وَلْيَدْعُ رَبَّهُ} أَيْ: وَلْيَدْعُ مُوسَى رَبَّهُ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ إِلَيْنَا فَيَمْنَعَهُ مِنَّا، {إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ} يُغَيِّرَ، {دِينَكُمْ} الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ، {أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} قَرَأَ يَعْقُوبُ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ "أَوْ أَنْ يَظْهَرَ " وَقَرَأَ الْآخَرُونَ "وَأَنْ يَظْهَرَ " وَقَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَحَفْصٌ "يُظْهِرَ" بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ عَلَى التَّعْدِيَةِ، {الْفَسَادَ} نُصِبَ لِقَوْلِهِ: "أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ" حَتَّى يَكُونَ الْفِعْلَانِ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْهَاءِ عَلَى اللُّزُومِ، "الْفَسَادُ" رُفِعَ وَأَرَادَ بِالْفَسَادِ تَبْدِيلَ الدِّينِ وَعِبَادَةَ غَيْرِهِ.


(١) ذكره القرطبي: ١٥ / ٣٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>