قَالَ الْفَرَّاءُ: إِنَّمَا قَالَ: "اثْنَتَيْ عَشْرَةَ"، وَالسِّبْطُ مُذَكَّرٌ لِأَنَّهُ قَالَ: "أُمَمًا" فَرَجَعَ التَّأْنِيثُ إِلَى الْأُمَمِ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُمَمًا، وَإِنَّمَا قَالَ: "أَسْبَاطًا أُمَمًا"، بِالْجَمْعِ وَمَا فَوْقَ الْعَشَرَةِ لَا يُفَسَّرُ بِالْجَمْعِ، فَلَا يُقَالُ: أَتَانِي اثْنَا عَشَرَ رِجَالًا لِأَنَّ الْأَسْبَاطَ فِي الْحَقِيقَةِ نَعْتُ الْمُفَسِّرِ الْمَحْذُوفِ وَهُوَ الْفِرْقَةُ، أَيْ: وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقَةً أُمَمًا.
وَقِيلَ: فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، تَقْدِيرُهُ: وَقَطَّعْنَاهُمْ أَسْبَاطًا أُمَمًا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَالْأَسْبَاطُ الْقَبَائِلُ وَاحِدُهَا سِبْطٌ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ} فِي التِّيهِ، {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ} انْفَجَرَتْ. وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ: عَرِقَتْ وَهُوَ الِانْبِجَاسُ، ثُمَّ انْفَجَرَتْ، {مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} لِكُلِّ سِبْطٍ عَيْنٌ {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ} كُلُّ سِبْطٍ، {مَشْرَبَهُمْ} وَكُلُّ سِبْطٍ بَنُو أَبٍ وَاحِدٍ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ} فِي التِّيهِ تَقِيهِمْ حَرَّ الشَّمْسِ، {وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}
{وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ} قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَابْنُ عامر ويعقوب: "نغفر" بِالتَّاءِ وَضَمِّهَا وَفَتْحِ الْفَاءِ. وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالنُّونِ وَفَتْحِهَا وَكَسْرِ الْفَاءِ، {خَطِيئَاتِكُمْ} قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ "خَطِيئَتَكُمْ" عَلَى التَّوْحِيدِ وَرَفْعِ التَّاءِ، [وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو: "خَطَايَاكُمْ"، وَقَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَيَعْقُوبُ: "خَطِيئَاتِكُمْ" بِالْجَمْعِ وَرَفْعِ التَّاءِ] (١) . وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْجَمْعِ وَكَسْرِ التَّاءِ {سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ}
{فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا} عَذَابًا {مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ}
{وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٣) }
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} قِيلَ: هِيَ "مَدْيَنُ"، [أَيْ: سَلْ
(١) ما بين القوسين ساقط من "ب".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute