للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هُوَ الشَّجَرُ الْبَالِي الَّذِي تَهَشَّمَ حَتَّى ذَرَتْهُ الرِّيحُ (١) . وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ صَارُوا كَيَبَسِ الشَّجَرِ إِذَا تَحَطَّمَ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ شَيْءٍ كَانَ رَطْبًا فَيَبِسَ: هَشِيمًا.

وَقَالَ قَتَادَةُ: كَالْعِظَامِ النَّخِرَةِ الْمُحْتَرِقَةِ (٢) . وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ التُّرَابُ الَّذِي يَتَنَاثَرُ مِنَ الْحَائِطِ (٣) .

{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٣٢) كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (٣٣) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (٣٤) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (٣٥) وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ (٣٦) وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (٣٧) }

{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا} رِيحًا تَرْمِيهِمْ بِالْحَصْبَاءِ، وَهِيَ الْحَصَى وَقَالَ الضَّحَّاكُ: يَعْنِي صِغَارَ الْحَصَى. وَقِيلَ: "الْحَصْبَاءُ" هِيَ الْحَجَرُ الَّذِي دُونَ مِلْءِ الْكَفِّ، وَقَدْ يَكُونُ الْحَاصِبُ الرَّامِي فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا: أَرْسَلَنَا عَلَيْهِمْ عَذَابًا يَحْصِبُهُمْ أَيْ: يَرْمِيهِمْ بِالْحِجَارَةِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى فَقَالَ: {إِلَّا آلَ لُوطٍ} يَعْنِي لُوطًا وَابْنَتَيْهِ {نَجَّيْنَاهُمْ} مِنَ الْعَذَابِ {بِسَحَرٍ} .

{نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} أَيْ: جَعَلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا عَلَيْهِمْ حَيْثُ أَنْجَيْنَاهُمْ {كَذَلِكَ} كَمَا أَنْعَمَنَا عَلَى آلِ لُوطٍ {نَجْزِي مَنْ شَكَرَ} قَالَ مُقَاتِلٌ: مَنْ وَحَّدَ اللَّهَ لَمْ يُعَذِّبْهُ مَعَ الْمُشْرِكِينَ.

{وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ} لُوطٌ {بَطْشَتَنَا} أَخْذَنَا إِيَّاهُمْ بِالْعُقُوبَةِ {فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ} شَكُّوا بِالْإِنْذَارِ وَكَذَّبُوا وَلَمْ يُصَدِّقُوا.

{وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ} طَلَبُوا أَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِمْ أَضْيَافَهُ {فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ} وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا قَصَدُوا دَارَ لُوطٍ وَعَالَجُوا الْبَابَ لِيَدْخُلُوا، قَالَتِ الرُّسُلُ [لِلُوطٍ] (٤) : خَلِّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الدُّخُولِ فَإِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ، فدخلوا الدار ١٤٦/ب فَصَفَقَهُمْ جِبْرِيلُ بِجَنَاحِهِ بِإِذْنِ اللَّهِ فَتَرَكَهُمْ عُمْيًا يَتَرَدَّدُونَ مُتَحَيِّرِينَ لَا يَهْتَدُونَ إِلَى الْبَابِ، فَأَخْرَجَهُمْ لُوطٌ عُمْيًا لَا يُبْصِرُونَ. قَوْلُهُ: "فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ" أَيْ: صَيَّرْنَاهَا


(١) انظر: ابن كثير: ٤ / ٢٦٦.
(٢) انظر: الطبري: ٢٧ / ١٠٣، البحر المحيط: ٨ / ١٨١.
(٣) أخرجه الطبري: ٢٧ / ١٠٣، وقال ابن كثير: ٤ / ٢٦٦ "هذا قول غريب" وعزاه السيوطي في الدر المنثور: ٧ / ٦٨٠ لعبد بن حميد.
(٤) ساقط من "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>