للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ فَيُنْجِيكُمْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَإِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ فَيُسَلِّطَهُمْ عَلَيْكُمْ. {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} حَفِيظًا وَكَفِيلًا قِيلَ: نَسَخَتْهَا آيَةُ الْقِتَالِ.

{وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا (٥٥) قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (٥٦) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (٥٧) }

{وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أَيْ: رَبُّكَ الْعَالِمُ بِمَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَجَعَلَهُمْ مُخْتَلِفِينَ فِي صُوَرِهِمْ وَأَخْلَاقِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ وَمِلَلِهِمْ.

{وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} قِيلَ جَعَلَ أَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مُخْتَلِفِينَ كَمَا فَضَّلَ بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ.

قَالَ قَتَادَةُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا وَكَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا وَقَالَ لِعِيسَى: كُنْ فَيَكُونُ (١) وَآتَى سُلَيْمَانَ مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ وَآتَى دَاوُدَ زَبُورًا كَمَا قَالَ: {وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا} وَالزَّبُورُ: كِتَابٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ دَاوُدَ يَشْتَمِلُ عَلَى مِائَةٍ وَخَمْسِينَ سُورَةً كُلُّهَا دُعَاءٌ وَتَمْجِيدٌ وَثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَيْسَ فِيهَا حَرَامٌ وَلَا حَلَالٌ وَلَا فَرَائِضُ وَلَا حُدُودٌ.

مَعْنَاهُ: إِنَّكُمْ لَمْ تُنْكِرُوا تَفْضِيلَ النَّبِيِّينَ فَكَيْفَ تُنْكِرُونَ فَضْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِعْطَاءَهُ الْقُرْآنَ؟ وَهَذَا خِطَابٌ مَعَ مَنْ يُقِرُّ بِتَفْضِيلِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ} وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَصَابَهُمْ قَحْطٌ شَدِيدٌ حَتَّى أَكَلُوا الْكِلَابَ (٢) وَالْجِيَفَ فَاسْتَغَاثُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَدْعُوَ لَهُمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ} لِلْمُشْرِكِينَ {ادْعُوَا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ} أَنَّهَا آلِهَةٌ {فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ} الْقَحْطِ وَالْجُوعِ {عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} إِلَى غَيْرِكُمْ أَوْ تَحْوِيلَ الْحَالِ مِنَ الْعُسْرِ إِلَى الْيُسْرِ. {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} يَعْنِي الَّذِينَ يَدْعُونَهُمُ الْمُشْرِكُونَ آلِهَةً يَعْبُدُونَهُمْ.


(١) في "ب": فكان.
(٢) في "ب": الميتة.

<<  <  ج: ص:  >  >>