للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٥) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (٧٦) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (٧٧) }

{قَالَ} يَعْنِي الْخَضِرَ: {أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} قِيلَ: زَادَ "لَكَ" لِأَنَّهُ نَقَضَ الْعَهْدَ مَرَّتَيْنِ وَفِي الْقِصَّةِ أَنَّ يُوشَعَ كَانَ يَقُولُ لِمُوسَى: يا نبي ٢٢١/ب اللَّهِ اذْكُرِ الْعَهْدَ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ. {قَالَ} مُوسَى {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا} بَعْدَ هَذِهِ الْمَرَّةِ {فَلَا تُصَاحِبْنِي} وَفَارِقْنِي وَقَرَأَ يَعْقُوبُ: " فَلَا تَصْحَبْنِي " بِغَيْرِ أَلِفٍ مِنَ الصُّحْبَةِ.

{قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَنَافِعٌ وَأَبُو بَكْرٍ " مِنْ لَدُنِي " خَفِيفَةَ النُّونِ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِتَشْدِيدِهَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ قَدْ أُعْذِرْتَ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ.

وَقِيلَ: حَذَّرْتَنِي أَنِّي لَا أَسْتَطِيعُ مَعَكَ صَبْرًا. وَقِيلَ: اتَّضَحَ لَكَ الْعُذْرُ فِي مُفَارَقَتِي.

أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَيْسِيُّ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رُقَيَّةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى" وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ أَحَدًا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بَدَأَ بِنَفْسِهِ "لَوْلَا أَنَّهُ عَجَّلَ لَرَأَى الْعَجَبَ وَلَكِنَّهُ أَخَذَتْهُ مَنْ صَاحِبِهِ ذَمَامَةٌ (١) قَالَ: {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} فَلَوْ صَبَرَ لَرَأَى الْعَجَبَ" (٢) . قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي: "أَنْطَاكِيَةَ" وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: هِيَ "الْأُبُلَّةُ" وَهِيَ أَبْعَدُ الْأَرْضِ مِنَ السَّمَاءِ وَقِيلَ: "بَرْقَةُ". وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: بَلْدَةٌ بِالْأَنْدَلُسِ (٣) {اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا}


(١) أي: حياء وإشفاق من الذم واللوم.
(٢) أخرجه مسلم في الفضائل باب من فضائل الخضر عليه السلام برقم (٢٣٨٠ / ١٧٢) : ٤ / ١٨٥.
(٣) أقوال مضطربة بحسب اختلاف المفسرين في أي ناحية من الأرض كانت القصة والله أعلم بحقيقة ذلك. انظر: البحر المحيط ٦ / ١٥١ القرطبي: ١١ / ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>