للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلُهُ تَعَالَى: {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} أَيِ: الْكَافِرُونَ.

{لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (١١١) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (١١٢) لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (١١٣) }

قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى} قَالَ مُقَاتِلٌ: إِنَّ رُؤُوسَ الْيَهُودِ عَمَدُوا إِلَى مَنْ آمَنُ مِنْهُمْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَأَصْحَابِهِ فَآذَوْهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى} يَعْنِي لَا يَضُرُّوكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ هَؤُلَاءِ الْيَهُودُ إِلَّا أَذًى بِاللِّسَانِ: وَعِيدًا وَطَعْنًا وَقِيلَ: كَلِمَةُ كُفْرٍ تَتَأَذَّوْنَ بِهَا {وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ} مُنْهَزِمِينَ، {ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} بَلْ يَكُونُ لَكُمُ النَّصْرُ عَلَيْهِمْ.

{ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا} حَيْثُ مَا وُجِدُوا {إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ} يَعْنِي: أَيْنَمَا وُجِدُوا اسْتُضْعِفُوا وَقُتِلُوا وَسُبُوا فَلَا يَأْمَنُونَ "إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ": عَهْدٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ يَسْلَمُوا، {وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} الْمُؤْمِنِينَ بِبَذْلِ جِزْيَةٍ أَوْ أَمَانٍ يَعْنِي: إِلَّا أَنْ يَعْتَصِمُوا بِحَبْلٍ فَيَأْمَنُوا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} رَجَعُوا بِهِ، {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}

قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَمُقَاتِلٌ: لَمَّا أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَأَصْحَابُهُ قَالَتْ أَحْبَارُ الْيَهُودِ: مَا آمَنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا شِرَارُنَا وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا تَرَكُوا دِينَ آبَائِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ (١) .

وَاخْتَلَفُوا فِي وَجْهِهَا فَقَالَ قَوْمٌ: فِيهِ اخْتِصَارٌ تَقْدِيرُهُ: لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ وَأُخْرَى غَيْرُ قَائِمَةٍ، فَتَرَكَ الْأُخْرَى اكْتِفَاءً بِذِكْرِ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ وَقَالَ الْآخَرُونَ: تَمَامُ الْكَلَامِ عِنْدَ قَوْلِهِ {لَيْسُوا سَوَاءً}


(١) انظر أسباب النزول للواحدي ص (١٥٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>