للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سُنَّةَ اللَّهِ، {فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ} أَيْ: فِي الْأَنْبِيَاءِ الْمَاضِينَ أَنْ لَا يُؤَاخِذَهُمْ بِمَا أَحَلَّ لَهُمْ.

قَالَ الْكَلْبِيُّ، وَمُقَاتِلٌ: أَرَادَ دَاوُدَ حِينَ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ الَّتِي هَوِيَهَا فَكَذَلِكَ جَمَعَ بَيْنَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ زَيْنَبَ.

وَقِيلَ: أَشَارَ بِالسُّنَّةِ إِلَى النِّكَاحِ فَإِنَّهُ مِنْ سُنَّةِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.

وَقِيلَ: إِلَى كَثْرَةِ الْأَزْوَاجِ مِثْلَ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ. (١)

{وَكَانَ أَمْرُ، اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} قَضَاءً مَقْضِيًا كَائِنًا مَاضِيًا.

{الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (٣٩) مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (٤٠) }

{الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ} [يَعْنِي سُنَّةَ اللَّهِ فِي الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ] (٢) {وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ} لَا يَخْشَوْنَ قَالَةَ النَّاسِ وَلَائِمَتَهُمْ فِيمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ وَفَرَضَ عَلَيْهِمْ، {وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} حَافِظًا لِأَعْمَالِ خَلْقِهِ وَمُحَاسِبَهُمْ. ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَزَوَّجَ زَيْنَبَ قَالَ النَّاسُ: إِنْ مُحَمَّدًا تَزَوَّجَ امْرَأَةَ ابْنِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} (٣) يَعْنِي: زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، أَيْ: لَيْسَ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمُ الَّذِينَ لَمْ يَلِدْهُمْ فَيَحْرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ زَوْجَتِهِ بَعْدَ فِرَاقِهِ إِيَّاهَا.

فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَبْنَاءٌ: الْقَاسِمُ، وَالطَّيِّبُ، وَالطَّاهِرُ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَكَذَلِكَ: الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْحَسَنِ: إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ؟ .

قِيلَ: هَؤُلَاءِ كَانُوا صِغَارًا لَمْ يَكُونُوا رِجَالًا.

وَالصَّحِيحُ مَا قُلْنَا: إِنَّهُ أَرَادَ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ (٤) .

{وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} خَتَمَ اللَّهُ بِهِ النُّبُوَّةَ، وَقَرَأَ عَاصِمٌ: "خَاتَمَ" بِفَتْحِ التَّاءِ عَلَى الِاسْمِ، أَيْ: آخِرَهُمْ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِكَسْرِ التَّاءِ عَلَى الْفَاعِلِ، لِأَنَّهُ خَتَمَ بِهِ النَّبِيِّينَ فَهُوَ خَاتَمُهُمْ.


(١) انظر: البحر المحيط: ٧ / ٢٣٥-٢٣٦ وفيه: أن اليهود عابوه أي: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -بكثرة النكاح وكثرة الأزواج فرد الله عليهم بقوله: "سنة الله".
(٢) ما بين القوسين زيادة من "ب".
(٣) انظر: الطبري: ٢٢ / ١٦.
(٤) انظر: مسائل الرازي وأجوبتها من غرائب آي التنزيل ص (٢٨٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>