للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَتَنَازَعُونَ فِي الْبُنْيَانِ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: نَبْنِي عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا يُصَلِّي فِيهِ النَّاسُ لِأَنَّهُمْ عَلَى دِينِنَا وَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: نَبْنِي عَلَيْهِمْ (١) بُنْيَانًا لِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ نَسَبِنَا.

وَقَالَ عِكْرِمَةُ: تَنَازَعُوا فِي الْبَعْثِ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: الْبَعْثُ لِلْأَجْسَادِ وَالْأَرْوَاحِ مَعًا، وَقَالَ قَوْمٌ: لِلْأَرْوَاحِ دُونَ الْأَجْسَادِ فَبَعَثَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَرَاهُمْ أَنَّ الْبَعْثَ لِلْأَجْسَادِ وَالْأَرْوَاحِ.

وَقِيلَ: تَنَازَعُوا فِي مُدَّةِ لُبْثِهِمْ. وَقِيلَ: فِي عَدَدِهِمْ.

{فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ} بَيْدَرُوسُ الْمَلِكُ وَأَصْحَابُهُ {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا}

{سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (٢٢) }

{سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} رُوِيَ أَنَّ السَّيِّدَ وَالْعَاقِبَ وَأَصْحَابَهُمَا مِنْ نَصَارَى أَهْلِ نَجْرَانَ كَانُوا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَرَى ذِكْرُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ فَقَالَ السَّيِّدُ -وَكَانَ يَعْقُوبِيًّا-: كَانُوا ثَلَاثَةً رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَقَالَ الْعَاقِبُ -وَكَانَ نُسْطُورِيًّا-: كَانُوا خَمْسَةً سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: كَانُوا سَبْعَةً ثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ فَحَقَّقَ اللَّهُ قَوْلَ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَمَا حَكَى قَوْلَ النَّصَارَى فَقَالَ: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ} (٢) أَيْ: ظَنًّا وَحَدْسًا مِنْ غَيْرِ يَقِينٍ وَلَمْ يَقُلْ هَذَا فِي حَقِّ السَّبْعَةِ فَقَالَ: {وَيَقُولُونَ} يَعْنِي: الْمُسْلِمِينَ {سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ}

اخْتَلَفُوا فِي الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ: {وَثَامِنُهُمْ} قِيلَ: تَرْكُهَا وَذِكْرُهَا سَوَاءٌ.

وَقِيلَ: هِيَ وَاوُ الْحُكْمِ وَالتَّحْقِيقِ كَأَنَّهُ حَكَى اخْتِلَافَهُمْ وَتَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ ثُمَّ حَقَّقَ هَذَا الْقَوْلَ بِقَوْلِهِ {وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} وَالثَّامِنُ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ السَّابِعِ.

وَقِيلَ: هَذِهِ وَاوُ الثَّمَانِيَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تَعُدُّ فَتَقُولُ وَاحِدٌ اثْنَانِ ثَلَاثَةٌ أَرْبَعَةٌ خَمْسَةٌ سِتَّةٌ سَبْعَةٌ وَثَمَانِيَةٌ لأن العقد كامن عِنْدَهُمْ سَبْعَةً كَمَا هُوَ الْيَوْمَ عِنْدَنَا عَشْرَةٌ نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى (٣) "التَّائِبُونَ


(١) ساقط من "أ".
(٢) انظر: زاد المسير: ٥ / ١٢٤، القرطبي: ١٠ / ٣٨٢.
(٣) انظر: زاد المسير: ٥ / ١٢٥ القرطبي: ١٠ / ٣٨٢-٣٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>