للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: النُّحَاسُ هُوَ الصُّفْرُ الْمُذَابُ يصب على رؤوسهم، وَهُوَ رِوَايَةُ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: هُوَ الْمُهْلُ.

{فَلَا تَنْتَصِرَانِ} ، أَيْ فَلَا تَمْتَنِعَانِ مِنَ اللَّهِ وَلَا يَكُونُ لَكُمْ نَاصِرٌ مِنْهُ.

{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٦) فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (٣٧) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٨) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (٣٩) }

{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} {فَإِذَا انْشَقَّتِ} ، [انْفَرَجَتِ] (١) {السَّمَاءُ} ، فَصَارَتْ أَبْوَابًا لِنُزُولِ الْمَلَائِكَةِ {فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} ، أَيْ كَلَوْنِ الْفَرَسِ الْوَرِدِ، وَهُوَ الْأَبْيَضُ الَّذِي يَضْرِبُ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ، قَالَ قَتَادَةُ: إِنَّهَا الْيَوْمَ خَضْرَاءُ، وَيَكُونُ لَهَا يَوْمَئِذٍ لَوْنٌ آخَرُ يَضْرِبُ إِلَى الْحُمْرَةِ.

وَقِيلَ: إِنَّهَا تَتَلَوَّنُ أَلْوَانًا يَوْمَئِذٍ كَلَوْنِ الْفَرَسِ الْوَرِدِ يَكُونُ فِي الرَّبِيعِ أَصْفَرَ وَفِي أَوَّلِ الشِّتَاءِ أَحْمَرَ فَإِذَا اشْتَدَّ الشِّتَاءُ كَانَ أَغْبَرَ فَشَبَّهَ السَّمَاءَ فِي تَلَوُّنِهَا عِنْدَ انْشِقَاقِهَا بِهَذَا الْفَرَسِ فِي تَلَوُّنِهِ.

{كَالدِّهَانِ} ، جَمْعُ دُهْنٍ. شَبَّهَ تَلَوُّنَ السَّمَاءِ بِتَلَوُّنِ الْوَرْدِ مِنَ الْخَيْلِ، وَشَبَّهَ الْوَرْدَةَ فِي اخْتِلَافِ أَلْوَانِهَا بِالدُّهْنِ وَاخْتِلَافِ أَلْوَانِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الضَّحَّاكِ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَالرَّبِيعِ.

وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: "كَالدِّهَانِ" كَعَصِيرِ الزَّيْتِ يَتَلَوَّنُ فِي السَّاعَةِ أَلْوَانًا.

وَقَالَ مُقَاتِلٌ: كَدُهْنِ الْوَرْدِ الصَّافِي. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: تَصِيرُ السَّمَاءُ كَالدُّهْنِ الذَّائِبِ وَذَلِكَ حِينَ يُصِيبُهَا حَرُّ جَهَنَّمَ.

وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: كَالدِّهَانِ أَيْ كَالْأَدِيمِ الْأَحْمَرِ وَجَمْعُهُ أَدْهِنَةٌ وَدُهُنٌ {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} . {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ} ، قَالَ الْحَسَنُ وقتادة: لا يسئلون عَنْ ذُنُوبِهِمْ لِتُعْلَمَ مِنْ جِهَتِهِمْ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلِمَهَا مِنْهُمْ، وَكَتَبَتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَيْهِمْ، وَهِيَ رِوَايَةُ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (٢) .


(١) زيادة من "ب".
(٢) انظر الطبري: ٢٧ / ١٤٢، القرطبي: ١٧ / ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>