للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ "كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ ويُقِيتُ" (١) .

{وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (٨٦) }

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} التَّحِيَّةُ: هِيَ دُعَاءُ الْحَيَاةِ، والمراد بالتحية ها هنا، السَّلَامُ، يَقُولُ: إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ مُسْلِمٌ فَأَجِيبُوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا كَمَا سَلَّمَ، فَإِذَا قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقُلْ: وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، وَإِذَا قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَقُلْ: وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَإِذَا قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَرُدَّ مِثْلَهُ، رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا سَلَّمَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، ثُمَّ زَادَ شَيْئًا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ السَّلَامَ يَنْتَهِي إِلَى الْبَرَكَةِ (٢) .

وُرُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَشْرٌ" ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَرَّدَ عَلَيْهِ فَجَلَسَ، فَقَالَ: "عِشْرُونَ" ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: "ثَلَاثُونَ" (٣) .

وَاعْلَمْ أَنَّ السَّلَامَ سَنَّةٌ وَرَدَّ السَّلَامِ فَرِيضَةٌ، وَهُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَكَذَلِكَ السَّلَامُ سَنَةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ فَإِذَا سَلَّمَ وَاحِدٌ مِنْ جَمَاعَةٍ كَانَ كَافِيًا فِي السُّنَةِ، وَإِذَا سَلَّمَ وَاحِدٌ عَلَى جَمَاعَةٍ وَرَدَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْ جَمِيعِهِمْ.

أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمَشٍ الزِّيَادِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ التَّاجِرُ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ بُكَيْرٍ الْكُوفِيُّ، أَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤَمِّنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ" (٤) .


(١) أخرجه أبو داود في الزكاة، باب في صلة الرحم: ٢ / ٢٦١ عن عبد الله بن عمرو، وأخرج مسلم في الزكاة، باب فصل النفقة على المملوك برقم (٩٩٦) : ٢ / ٦٩٢ عن عبد الله بن عمرو " كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته" والإمام أحمد في المسند: ٢ / ١٦٠، ١٩٣، ١٩٥. وعزاه المنذري للنسائي، والمصنف في شرح السنة: ٩ / ٣٤٢.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ، كتاب السلام، باب العمل في السلام: ٢ / ٥٥٩. وعن الزيادة في السلام قال ابن حجر في الفتح: ١١ / ٦: "وهذه الأحاديث الضعيفة إذا انضمت قوي ما اجتمعت عليه من مشروعية الزيادة على: وبركاته".
(٣) أخرجه أبو داود في الأدب، باب كيف السلام: ٨ / ٦٨ - ٦٩، والترمذي في الاستئذان، باب ما ذكر في فضل السلام: ٧ / ٤٦٢، وقال هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. من حديث عمران بن حصين. وفي الباب عن أبي سعيد وعلي وسهل بن حنيف، وعزاه المنذري في الترغيب والترهيب: ٣ / ٤٢٩ للنسائي والبيهقي بإسناد حسن، وانظر تحفة الأحوذي: ٧ / ٣٦٢ - ٤٦٣، وابن كثير: ١ / ٥٣٣.
(٤) أخرجه مسلم في الإيمان، باب بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون، برقم (٥٤) : ١ / ٧٤، والمصنف في شرح السنة: ١٢ / ٢٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>