للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَعَالَى أَجْرَى السُّنَةَ أَنْ لَا يَأْخُذَ أَحَدًا إِلَّا بَعْدَ وُجُودِ الذَّنْبِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مُذْنِبًا إِذَا أُمِرَ فَلَمْ يَأْتَمِرْ وَنُهِيَ فَلَمْ يَنْتَهِ، يَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ إِنْذَارِ الرُّسُلِ.

{وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} يَعْنِي فِي الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا، فَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ أَشَدُّ عَذَابًا وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ أَجْزَلُ ثَوَابًا، {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ تَعْمَلُونَ بِالتَّاءِ وَالْبَاقُونَ بِالْيَاءِ.

{وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ} عَنْ خَلْقِهِ، {ذُو الرَّحْمَةِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: [ذُو الرَّحْمَةِ] (١) بِأَوْلِيَائِهِ وَأَهْلِ طَاعَتِهِ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: بِخَلْقِهِ ذُو التَّجَاوُزِ، {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ} يُهْلِكْكُمْ، وَعِيدٌ لِأَهْلِ مَكَّةَ، {وَيَسْتَخْلِفْ} [يَخْلُقْ] (٢) وَيُنْشِئْ، {مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ} خَلْقًا غَيْرَكُمْ أَمْثَلَ وَأَطْوَعَ، {كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ} أَيْ: آبَائِهِمُ الْمَاضِينَ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ.

{إِنَّ مَا تُوعَدُونَ} أَيْ: مَا تُوعَدُونَ مِنْ مَجِيءِ السَّاعَةِ وَالْحَشْرِ، {لَآتٍ} كَائِنٌ، {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} أَيْ: بِفَائِتِينَ، يَعْنِي: يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ حَيْثُ مَا كُنْتُمْ.

{قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (١٣٥) وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (١٣٦) وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (١٣٧) }

{قُلْ} يَا مُحَمَّدُ {يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} قَرَأَ أَبُو بَكْرٍ عن عاصم {مَكَانَتِكُمْ} بِالْجَمْعِ حَيْثُ كَانَ أَيْ: عَلَى تَمَكُّنِكُمْ، قَالَ عَطَاءٌ: عَلَى حَالَاتِكُمُ الَّتِي أَنْتُمْ عَلَيْهَا. قَالَ الزَّجَّاجُ: اعْمَلُوا عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ. يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا أُمِرَ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى حَالَةٍ: عَلَى مَكَانَتِكَ يَا فُلَانُ، أَيْ: اثْبُتْ عَلَى مَا أَنْتَ


(١) زيادة من "ب".
(٢) زيادة من "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>