للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (٦٦) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (٦٨) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (٦٩) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (٧٠) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (٧١) }

فَلَمَّا {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ} يَقُولُ: جِئْتُكَ لِأَتْبَعَكَ وَأَصْحَبَكَ {عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ: " رَشَدًا " بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالشِّينِ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الشِّينِ أَيْ صَوَابًا وَقِيلَ: عِلْمًا تُرْشِدُنِي بِهِ.

وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ لَهُ مُوسَى هَذَا قَالَ لَهُ الْخَضِرُ: كَفَى بِالتَّوْرَاةِ عِلْمًا وَبِبَنِي إِسْرَائِيلَ شُغْلًا فَقَالَ لَهُ مُوسَى: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِهَذَا فَحِينَئِذٍ: {قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} {قَالَ} لَهُ الْخَضِرُ {إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ يَرَى أُمُورًا مُنْكَرَةً وَلَا يَجُوزُ لِلْأَنْبِيَاءِ أَنْ يَصْبِرُوا عَلَى الْمُنْكَرَاتِ. ثُمَّ بَيَّنَ عُذْرَهُ فِي تَرْكِ الصَّبْرِ فَقَالَ: {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} أَيْ عِلْمًا. {قَالَ} مُوسَى {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا} إِنَّمَا اسْتَثْنَى لِأَنَّهُ لَمْ يَثِقْ مِنْ نَفْسِهِ بِالصَّبْرِ {وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} أَيْ: لَا أُخَالِفُكَ فِيمَا تَأْمُرُ. {قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي} فَإِنْ صَحِبْتَنِي وَلَمْ يَقُلْ: اتَّبِعْنِي وَلَكِنْ جَعَلَ الِاخْتِيَارَ إِلَيْهِ إِلَّا أَنَّهُ شَرَطَ عَلَيْهِ شَرْطًا فَقَالَ: {فَلَا تَسْأَلْنِي} قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَنَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَالْآخَرُونَ بِسُكُونِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ {عَنْ شَيْءٍ} أَعْمَلُهُ مِمَّا تُنْكِرُهُ وَلَا تَعْتَرِضْ عَلَيْهِ {حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} حَتَّى أَبْتَدِئَ لَكَ بِذِكْرِهِ فَأُبَيِّنُ لَكَ شَأْنَهُ. {فَانْطَلَقَا} يَمْشِيَانِ عَلَى السَّاحِلِ يَطْلُبَانِ سَفِينَةً يَرْكَبَانِهَا فَوَجَدَا سَفِينَةً فَرَكِبَاهَا فَقَالَ أَهْلُ السَّفِينَةِ: هَؤُلَاءِ لُصُوصٌ وَأَمَرُوهُمَا بِالْخُرُوجِ فَقَالَ صَاحِبُ السَّفِينَةِ: مَا هُمْ بلصوص ولكني أرجو وُجُوهَ الْأَنْبِيَاءِ.

وَرُوِّينَا عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَرَّتْ بِهِمْ سَفِينَةٌ فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمْ فَعَرَفُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>