للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنَ الْحَالِ الْجَمِيلَةِ فَيَعْصُوا رَبَّهُمْ.

{وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا} أَيْ: عَذَابًا وَهَلَاكًا {فَلَا مَرَدَّ لَهُ} أَيْ: لَا رَادَّ لَهُ {وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} أي: ملجأ يلجؤون إِلَيْهِ. وَقِيلَ: وَالٍ يَلِي أَمْرَهُمْ وَيَمْنَعُ الْعَذَابَ عَنْهُمْ.

{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (١٢) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (١٣) } .

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا} قِيلَ: خَوْفًا مِنَ الصَّاعِقَةِ، طَمَعًا فِي نَفْعِ الْمَطَرِ. وَقِيلَ: الْخَوْفُ لِلْمُسَافِرِ، يَخَافُ مِنْهُ الْأَذَى وَالْمَشَقَّةَ وَالطَّمَعُ لِلْمُقِيمِ يَرْجُو مِنْهُ الْبَرَكَةَ وَالْمَنْفَعَةَ.

وَقِيلَ: الْخَوْفُ مِنَ الْمَطَرِ فِي غَيْرِ مَكَانِهِ وَإِبَّانِهِ، وَالطَّمَعُ إِذَا كَانَ فِي مَكَانِهِ وَإِبَّانِهِ، وَمِنَ الْبُلْدَانِ مَا إِذَا أُمْطِرُوا وقحطوا وَإِذَا لَمْ يُمْطَرُوا أَخْصَبُوا.

{وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ} بِالْمَطَرِ. يُقَالُ: أَنْشَأَ اللَّهُ السَّحَابَةَ فَنَشَأَتْ أَيْ: أَبْدَاهَا فَبَدَتْ، وَالسَّحَابُ جَمْعٌ، وَاحِدَتُهَا سَحَابَةٌ، قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: السَّحَابُ غِرْبَالُ الْمَاءِ.

{وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ} أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الرَّعْدَ اسْمُ مَلَكٍ يَسُوقُ السَّحَابَ، وَالصَّوْتُ الْمَسْمُوعُ مِنْهُ تَسْبِيحُهُ (١) .

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ فَقَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ، وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فَإِنْ أَصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ فَعَلَيَّ دِيَتُهُ.

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ تَرَكَ الْحَدِيثَ: وَقَالَ" سُبْحَانَ مَنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ، وَالْمَلَائِكَةُ مَنْ خِيفَتِهِ، وَيَقُولُ: إِنَّ هَذَا الْوَعِيدَ لِأَهْلِ الْأَرْضِ شَدِيدٌ (٢) .

وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: "لَوْ أَنَّ عِبَادِي أَطَاعُونِي لَسَقَيْتُهُمُ الْمَطَرَ بِاللَّيْلِ، وَلَأَطْلَعْتُ عَلَيْهِمُ الشَّمْسَ بِالنَّهَارِ، وَلَمْ أُسْمِعْهُمْ صَوْتَ الرَّعْدِ" (٣)


(١) انظر فيما سبق: ١ / ٦٩-٧٠.
(٢) انظر: الأذكار للنووي ص (١٥٤) تفسير ابن كثير: ٢ / ٥٠٦ ففيهما الأذكار التي تقال عند سماع صوت الرعد.
(٣) حديث ضعيف أخرجه أبو داود الطيالسي في "المسند" ص (٣٣٧) رقم (٢٥٨٦) ، والإمام أحمد في المسند: ٢ / ٣٥٩ عن أبي هريرة رضي الله عنه. وصححه الحاكم في المستدرك: ٢ / ٣٤٩ فتعقبه الذهبي وقال: "صدقة واه"، وهو صدقة بن موسى الدقيقي، صدوق له أوهام (تقريب) . وساقه ابن الجوزي في العلل المتناهية: ٢ / ٣٠٦، وضعفه الألباني في تعليقه على مشكاة المصابيح: ٣ / ١٤٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>