للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٥٣) يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (٥٤) يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٥) يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِيَ وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (٥٦) }

{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ} نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ حِينَ قَالَ: فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ (١) {وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا وَعَدْتُكَ أَنِّي لَا أُعَذِّبُ قَوْمَكَ وَلَا أَسْتَأْصِلُهُمْ وَأُؤَخِّرُ عَذَابَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا قَالَ: "بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ" (الْقَمَرِ-٤٦) ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: مُدَّةُ أَعْمَارِهِمْ، لِأَنَّهُمْ إِذَا مَاتُوا صَارُوا إِلَى الْعَذَابِ، وَقِيلَ: يَوْمَ بَدْرٍ، {لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ} يَعْنِي: الْعَذَابَ وَقِيلَ الْأَجَلُ، {بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} بِإِتْيَانِهِ.

{يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ} أَعَادَهُ تَأْكِيدًا، {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} جَامِعَةٌ لَهُمْ لَا يَبْقَى أَحَدٌ منهم إلا بدخلها.

{يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} يَعْنِي: إِذَا غَشِيَهُمُ الْعَذَابُ أَحَاطَتْ بِهِمْ جَهَنَّمُ، كَمَا قَالَ: "لهم من جنهم مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ" (الْأَعْرَافِ-٤١) ، {وَيَقُولُ ذُوقُوا} قَرَأَ نَافِعٌ، وَأَهْلُ الْكُوفَةِ: "وَيَقُولُ" بِالْيَاءِ، أَيْ: وَيَقُولُ لَهُمُ الْمُوَكَّلُ بِعَذَابِهِمْ: ذُوقُوا، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالنُّونِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ بِأَمْرِهِ نُسِبَ إِلَيْهِ، {مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أَيْ: جَزَاءَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.

{يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} قَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي ضُعَفَاءِ مُسْلِمِي مَكَّةَ، يَقُولُ: إِنْ كُنْتُمْ فِي ضِيقٍ بِمَكَّةَ مِنْ إِظْهَارِ الْإِيمَانِ فَاخْرُجُوا مِنْهَا إِلَى أَرْضِ الْمَدِينَةِ، إِنَّ أَرْضِيَ -يَعْنِي الْمَدِينَةَ-وَاسِعَةٌ آمِنَةٌ (٢) . قَالَ مُجَاهِدٌ: إِنَّ أَرْضِيَ الْمَدِينَةَ وَاسِعَةٌ فَهَاجِرُوا وَجَاهِدُوا فِيهَا (٣) . وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: إِذَا عُمِلَ فِي أَرْضٍ بِالْمَعَاصِي فَاخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّ أَرْضِيَ وَاسِعَةٌ. وَقَالَ عَطَاءٌ: إِذَا أُمِرْتُمْ بِالْمَعَاصِي فَاهْرُبُوا فَإِنَّ أَرْضِيَ وَاسِعَةٌ. وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ فِي بَلَدٍ يُعْمَلُ فِيهَا


(١) انظر فيما سبق: ٣ / ٣٥١.
(٢) انظر: البحر المحيط: ٧ / ١٥٧، القرطبي: ١٣ / ٣٥٧، زاد المسير: ٦ / ٢٨١.
(٣) أخرجه الطبري: ٢١ / ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>