للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (٣٥) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (٣٦) }

{كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ} أَيْ: أَعْطَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْجَنَّتَيْنِ {أُكُلَهَا} ثَمَرَهَا تَامًّا {وَلَمْ تَظْلِمْ} لَمْ تُنْقِصْ {مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا} قَرَأَ الْعَامَّةُ بِالتَّشْدِيدِ وَقَرَأَ يَعْقُوبُ بِتَخْفِيفِ الْجِيمِ {خِلَالَهُمَا نَهَرًا} يَعْنِي: شَقَقْنَا وَأَخْرَجْنَا وَسَطَهُمَا نَهْرًا. {وَكَانَ لَهُ} لِصَاحِبِ الْبُسْتَانِ {ثَمَرٌ} قَرَأَ عَاصِمٌ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَيَعْقُوبُ {ثَمَرٌ} بِفَتْحِ الثَّاءِ وَالْمِيمِ وَكَذَلِكَ: "بِثَمَرِهِ" وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو: بِضَمِّ الثَّاءِ سَاكِنَةَ الْمِيمِ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِضَمِّهِمَا.

فَمَنْ قَرَأَ بِالْفَتْحِ هُوَ جَمْعُ ثَمَرَةٍ وَهُوَ مَا تُخْرِجُهُ الشَّجَرَةُ مِنَ الثِّمَارِ الْمَأْكُولَةِ.

وَمَنْ قَرَأَ بِالضَّمِّ فَهِيَ الْأَمْوَالُ الْكَثِيرَةُ الْمُثْمِرَةُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ جَمْعُ ثِمَارٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَقِيلَ: جَمِيعُ الثَّمَرَاتِ.

قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: "الثَّمَرَةُ" تُجْمَعُ عَلَى "ثَمَرٍ" وَيُجْمَعُ "الثَّمَرُ" عَلَى "ثِمَارٍ" ثُمَّ تُجْمَعُ "الثِّمَارُ" عَلَى "ثُمُرٍ" (١) .

{فَقَالَ} يَعْنِي صَاحِبَ الْبُسْتَانِ {لِصَاحِبِهِ} الْمُؤْمِنِ {وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} يُخَاطِبُهُ وَيُجَاوِبُهُ: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} أَيْ: عَشِيرَةً وَرَهْطًا. وَقَالَ قَتَادَةُ: خَدَمًا وَحَشَمًا. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: وَلَدًا تَصْدِيقُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: "إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا" (الْكَهْفِ-٣٩) . {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ} يَعْنِي الْكَافِرُ أَخَذَ بِيَدِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ يَطُوفُ بِهِ فِيهَا وَيُرِيهِ أَثْمَارَهَا {وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} بِكَفْرِهِ {قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ} تَهْلَكَ {هَذِهِ أَبَدًا} قَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: رَاقَهُ حُسْنُهَا وَغَرَّتْهُ زَهْرَتُهَا فَتَوَهَّمَ أَنَّهَا لَا تَفْنَى أَبَدًا وَأَنْكَرَ الْبَعْثَ. فَقَالَ {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً} كَائِنَةً {وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا} قَرَأَ أَهْلُ الْحِجَازِ وَالشَّامِ هَكَذَا عَلَى التَّثْنِيَةِ يَعْنِي مِنَ الْجَنَّتَيْنِ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مَصَاحِفِهِمْ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ {مِنْهَا} أَيْ: مِنَ الْجَنَّةِ الَّتِي دَخَلَهَا {مُنْقَلَبًا} أَيْ: مَرْجِعًا.


(١) انظر: لسان العرب: ٤ / ١٠٧ مادة "ثمر".

<<  <  ج: ص:  >  >>