لَا يَدُلُّ الْبَسْطُ عَلَى رِضَا اللَّهِ عَنْهُ وَلَا التَّضْيِيقُ عَلَى سَخَطِهِ، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} أَنَّهَا كَذَلِكَ.
{وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (٣٧) وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (٣٨) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٣٩) }
{وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى} أَيْ: قُرْبَى، قَالَ الْأَخْفَشُ: "قُرْبَى" اسْمُ مَصْدَرٍ كَأَنَّهُ قَالَ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا تَقْرِيبًا، {إِلَّا مَنْ آمَنَ} يَعْنِي: لَكِنَّ مَنْ آمَنَ، {وَعَمِلَ صَالِحًا} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ إِيمَانَهُ وَعَمَلَهُ يُقَرِّبُهُ مِنِّي، {فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا} أَيْ: يُضَعِّفُ اللَّهُ لَهُمْ حَسَنَاتِهِمْ فَيَجْزِي بِالْحَسَنَةِ الْوَاحِدَةِ عَشَرَ إِلَى سَبْعِمِائَةٍ قَرَأَ يَعْقُوبُ: "جَزَاءً" مَنْصُوبًا مَنَّوْنَا "الضِّعْفُ" رُفِعَ، تَقْدِيرُهُ: فَأُولَئِكَ لَهُمُ الضِّعْفُ جَزَاءً، وَقَرَأَ الْعَامَّةُ بِالْإِضَافَةِ، {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} قَرَأَ حَمْزَةُ: "فِي الْغُرْفَةِ" عَلَى وَاحِدِهِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْجَمْعِ لِقَوْلِهِ: "لَنُبَوِّأَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا" (الْعَنْكَبُوتِ-٥٨) . {وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ} يَعْمَلُونَ، {فِي آيَاتِنَا} فِي إِبْطَالِ حُجَّتِنَا، {مُعَاجِزِينَ} مُعَانِدِينَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُعْجِزُونَنَا وَيَفُوتُونَنَا، {أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ} {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} أَيْ: يُعْطِي خُلْفَهُ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مَا كَانَ فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا تَقْتِيرٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: مَا تَصَدَّقْتُمْ مِنْ صَدَقَةٍ وَأَنْفَقْتُمْ فِي الْخَيْرِ مِنْ نَفَقَةٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ عَلَى الْمُنْفِقِ، إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ.
{وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} خَيْرُ مَنْ يُعْطِي وَيَرْزُقُ.
وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ". (١)
(١) أخرجه البخاري في التوحيد، باب: "يريدون أن يبدلوا كلام الله" ١٣ / ٤٦٤، ومسلم في الزكاة، باب: الحث على النفقة وتبشير المنفق بالخلف برقم: (٩٩٣) ٢ / ٦٩٠-٦٩١، والمصنف في شرح السنة: ٦ / ١٥٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute