للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً {وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا}

{قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (١٠٩) }

{قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا} هَذَا عَلَى طَرِيقِ الْوَعِيدِ وَالتَّهْدِيدِ {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ} قيل: هم مؤمنوا أَهْلِ الْكِتَابِ وَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ الدِّينَ قَبْلَ مَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَسْلَمُوا بَعْدَ مَبْعَثِهِ مِثْلُ زَيْدِ بْنِ عمر بن نفيل ٢١٤/ب وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَأَبِي ذَرٍّ وَغَيْرِهِمْ (١) .

{إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ} يَعْنِي: الْقُرْآنَ (٢) {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ} أَيْ: يَسْقُطُونَ عَلَى الْأَذْقَانِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرَادَ بِهَا الْوُجُوهَ {سُجَّدًا} {وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا} أَيْ: كَائِنًا وَاقِعًا. {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ} أَيْ: يَقَعُونَ عَلَى الْوُجُوهِ يَبْكُونَ، الْبُكَاءُ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ (٣) {وَيَزِيدُهُمْ} نُزُولُ الْقُرْآنِ {خُشُوعًا} خُضُوعًا لِرَبِّهِمْ. نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: "إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا" (مَرْيَمُ-٥٨) .

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُنَيْدُ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى أَبِي طَلْحَةَ (٤) عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَلِجُ النَّارَ مَنْ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ حَتَّى يَعُودَ


(١) انظر: الطبري: ١٥ / ١٨١، زاد المسير: ٥ / ٩٧.
(٢) وذلك لأن سياق الكلام عن القرآن الكريم ولم يجر لغيره من الكتب ذكر فيصرف الكلام إليه وهذا يرد قول من قال المراد به: ما أنزل إلى أهل الكتاب من عبد الله. راجع: الطبري: ١٥ / ١٨١، زاد المسير: ٥ / ٩٧.
(٣) وقد وردت فيه أحاديث وآثار عن السلف كثيرة فمن ذلك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "اقرءوا القرآن وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا" (رواه ابن ماجه برقم (٤١٩٦) في الزهد وإسناده ضعيف) . وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه صلى بالجماعة الصبح فقرأ سورة يوسف فبكى حتى سالت دموعه على ترقوته وفي رواية: أنه كان في صلاة العشاء فيدل على تكريره منه. وعن أبي رجاء قال: رأيت ابن عباس وتحت عينيه مثل الشراك البالي (وهو السير الرقيق الذي يكون في التعل على ظهر القدم) من الدموع. انظر: التبيان في آداب حملة القرآن للنووي ص (٦٨-٦٩) وراجع القرطبي: ١٠ / ٣٤٢.
(٤) في "ب": مولى طلحة. وفي شرح السنة: مولى آل طلحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>