للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (٦٦) وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٦٧) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ (٦٨) وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (٦٩) } .

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا} بِنِعْمَةٍ مِنَّا، {وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} أَيْ: مِنْ عَذَابِهِ وَهَوَانِهِ. قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَنَافِعٌ وَالْكِسَائِيُّ: "خِزْيِ يَوْمَئِذٍ" وَ"عَذَابِ يَوْمَئِذٍ" بِفَتْحِ الْمِيمِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْكَسْرِ. {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} .

{وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا} كَفَرُوا، {الصَّيْحَةُ} وَذَلِكَ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَاحَ عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَهَلَكُوا جَمِيعًا. وَقِيلَ: أَتَتْهُمُ صَيْحَةٌ مِنَ السَّمَاءِ فِيهَا صَوْتُ كُلِّ صَاعِقَةٍ وَصَوْتُ كُلِّ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ، فَتَقَطَّعَتْ قُلُوبُهُمْ فِي صُدُورِهِمْ. وَإِنَّمَا قَالَ: "وَأَخَذَ" الصَّيْحَةُ مُؤَنَّثَةٌ، لِأَنَّ الصَّيْحَةَ بِمَعْنَى الصِّيَاحِ. {فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} صَرْعَى هَلْكَى.

{كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} يُقِيمُوا وَيَكُونُوا فِيهَا {أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ} قَرَأَ حَمْزَةُ وَحَفْصٌ وَيَعْقُوبُ: "ثَمُودَ" غَيْرَ مُنَوَّنٍ، وَكَذَلِكَ فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ وَالْعَنْكَبُوتِ وَالنَّجْمِ، وَافَقَ أَبُو بَكْرٍ فِي النَّجْمِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّنْوِينِ، وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ: "لِثَمُودٍ" بِخَفْضِ الدَّالِ وَالتَّنْوِينِ، وَالْبَاقُونَ بِنَصْبِ الدَّالِ، فَمَنْ جَرَّهُ فَلِأَنَّهُ اسْمٌ مُذَكَّرٌ، وَمَنْ لَمْ يَجُرَّهُ جَعَلَهُ اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى} أَرَادَ بِالرُّسُلِ الْمَلَائِكَةَ. وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِهِمْ (١) ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ: كَانُوا ثَلَاثَةً: جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: كَانُوا تِسْعَةً.

وَقَالَ مُقَاتِلٌ: كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ مَلِكًا.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: كَانَ جِبْرِيلُ وَمَعَهُ سَبْعَةٌ.

وَقَالَ السُّدِّيُّ: كَانُوا أَحَدَ عَشَرَ مَلَكًا عَلَى صُورَةِ الْغِلْمَانِ الْوِضَاءِ وُجُوهُهُمْ.

{بِالْبُشْرَى} بِالْبِشَارَةِ بِإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ. وَقِيلَ: بِإِهْلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ.


(١) انظر في هذه الأقوال: البحر المحيط: ٥ / ٢٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>