{لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (١١٤) }
{هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ} أَيْ: يَا هَؤُلَاءِ، {جَادَلْتُمْ} أَيْ: خَاصَمْتُمْ، {عَنْهُمْ} يَعْنِي: عَنْ طُعْمَةَ، وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: عَنْهُ {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} وَالْجِدَالُ: شِدَّةُ الْمُخَاصَمَةِ مِنَ الْجَدْلِ، وَهُوَ شِدَّةُ الْفَتْلِ، فَهُوَ يُرِيدُ فَتْلَ الْخِصْمِ عَنْ مَذْهَبِهِ بِطَرِيقِ الْحِجَاجِ، وَقِيلَ: الْجِدَالُ مِنَ الْجَدَالَةِ، وَهِيَ الْأَرْضُ، فَكَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَصْمَيْنِ يَرُومُ قَهْرَ صَاحَبَهُ وَصَرْعَهُ عَلَى الْجَدَالَةِ، {فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ} يَعْنِي: عَنْ طُعْمَةَ، {يَوْمَ الْقِيَامَةِ} إِذَا أَخَذَهُ اللَّهُ بِعَذَابِهِ، {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} كَفِيلَّا أَيْ: مَنِ الَّذِي يَذُبُّ عَنْهُمْ، وَيَتَوَلَّى أَمْرَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ:
{وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا} يَعْنِي السَّرِقَةَ، {أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ} بِرَمْيهِ الْبَرِيءَ، وَقِيلَ: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَيْ: شِرْكًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ: يَعْنِي: إِثْمًا دُونَ الشِّرْكِ، {ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ} أَيْ: يَتُبْ إِلَيْهِ وَيَسْتَغْفِرْهُ، {يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} يَعْرِضُ التَّوْبَةَ عَلَى طُعْمَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ.
{وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا} يَعْنِي: يَمِينَ طُعْمَةَ بِالْبَاطِلِ، أَيْ: مَا سَرَقْتُهُ إِنَّمَا سَرَقَهُ الْيَهُودِيُّ {فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ} فَإِنَّمَا يَضُرُّ بِهِ نَفْسَهُ، {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا} بِسَارِقِ الدِّرْعِ {حَكِيمًا} حَكَمَ بِالْقَطْعِ عَلَى السَّارِقِ.
{وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً} أَيْ: سَرِقَةَ الدِّرْعِ، {أَوْ إِثْمًا} يَمِينَهُ الْكَاذِبَةَ، {ثُمَّ يَرْمِ بِهِ} أَيْ: يَقْذِفْ بِمَا جَنَى {بَرِيئًا} مِنْهُ وَهُوَ نِسْبَةُ السَّرِقَةِ إِلَى الْيَهُودِيِّ {فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا} الْبُهْتَانُ: هُوَ الْبَهْتُ، وَهُوَ الْكَذِبُ الَّذِي يُتحَيَّرُ فِي عِظَمِهِ، {وَإِثْمًا مُبِينًا} أَيْ: ذَنْبًا بَيِّنًا، وَقَوْلُهُ {ثُمَّ يَرْمِ بِهِ} وَلَمْ يَقُلْ بِهِمَا بَعْدَ ذِكْرِ الْخَطِيئَةِ وَالْإِثْمِ، رَدَّ الْكِنَايَةَ إِلَى الْإِثْمِ، أَوْ جَعَلَ الْخَطِيئَةَ وَالْإِثْمَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ} يَقُولُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَهَمَّتْ} لِقَدِ هَمَّتْ أَيْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute