للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (٢٨) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (٢٩) وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (٣٠) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ (٣١) وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٢) }

{كَذَلِكَ} قَالَ الْكَلْبِيُّ: كَذَلِكَ أَفْعَلُ بِمَنْ عَصَانِي، {وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ} يَعْنِي بَنِي إِسْرَائِيلَ.

{فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} وَذَلِكَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا مَاتَ تَبْكِي عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، وَهَؤُلَاءِ لَمْ يَكُنْ يَصْعَدُ لَهُمْ عَمَلٌ صَالِحٌ فَتَبْكِي السَّمَاءُ عَلَى فَقْدِهِ، وَلَا لَهُمْ عَلَى الْأَرْضِ عُمْرٌ صَالِحٌ فَتَبْكِي الْأَرْضُ عَلَيْهِ.

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشَّرِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفَنْجَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْمَقْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرِّبْذِيُّ، أَخْبَرَنِي يَزِيدُ الرُّقَاشِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا لَهُ فِي السَّمَاءِ بَابَانِ بَابٌ يَخْرُجُ مِنْهُ رِزْقُهُ، وَبَابٌ يَدْخُلُ فِيهِ عَمَلُهُ، فَإِذَا مَاتَ فَقَدَاهُ وَبَكَيَا عَلَيْهِ" وَتَلَا "فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ" (١) .

قَالَ عَطَاءٌ: بُكَاءُ السَّمَاءِ حُمْرَةُ أَطْرَافِهَا.

قَالَ السُّدِّيُّ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ بَكَتْ عَلَيْهِ السَّمَاءُ، وَبُكَاؤُهَا حُمْرَتُهَا (٢) .

{وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} لَمْ يَنْظُرُوا حِينَ أَخَذَهُمُ الْعَذَابُ لِتَوْبَةٍ وَلَا لِغَيْرِهَا.

{وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ} قَتْلِ الْأَبْنَاءِ وَاسْتِحْيَاءِ النِّسَاءِ وَالتَّعَبِ فِي الْعَمَلِ.

{مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ} يَعْنِي مُؤْمِنِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، {عَلَى عِلْمٍ} بِهِمْ، {عَلَى الْعَالَمِينَ} عَلَى عَالِمِي زَمَانِهِمْ.


(١) اخرجه الترمذي في التفسير (تفسير سورة الدخان) ٩ / ١٣٦-١٣٧ وقال: " هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وموسى بن عبيدة ويزيد بن أبان الرُّقاشي يُضعفان في الحديث"، وأبو يعلي في مسنده: ٤ / ١٥٧ والخطيب في تاريخ بغداد: ٨ / ٣٢٧. قال الهيثمي في المجمع: ٧ / ١٠٥: "رواه أبو يعلي وفيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف"، وعزاه ابن حجر في المطالب العالية: ٣ / ٣٧٠ لأبي يعلى بإسناد ضعيف. وقال البوصيري: رواه أبو يعلى بسند ضعيف لضعف يزيد الرقاشي وموسى بن عبيدة الربذي ورواه الترمذي مختصرًا. وعزاه السيوطي في الدر المنثور: ٧ / ٤١١ لابن أبي الدنيا، وأبي يعلى، وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبي نعيم في الحلية.
(٢) انظر: القرطبي: ١٦ / ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>