وإنما قلنا: ذلك أولى بالصواب، لصحة الخبر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "وإذا قرأ فأنصتوا" وإجماع الجميع على أن على من سمع خطبة الجمعة ممن عليه الجمعة، الاستماع والإنصات لها، مع تتابع الأخبار بالأمر بذلك عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنه لا وقت يجب على أحد استماع القرآن والإنصات لسامعه، من قارئه، إلا من هاتين الحالتين، على اختلاف في إحداهما، وهي حالة أن يكون خلف إمام مؤتم به وقد صح الخبر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما ذكرنا من قوله: "إذا قرأ الإمام فأنصتوا" فالإنصات خلفه لقراءته واجب على من كان به مؤتما سامعا قراءته، بعموم ظاهر القرآن والخبر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". وانظر بحثا نفيسا في هذا لأبي الحسنات اللكنوي في كتابه "إمام الكلام فيما يتعلق بالقراءة خلف لإمام" ص ٧٥ وما بعدها، بتحقيقنا. (٢) أخرجه البخاري في الجمعة: باب الإنصات والإمام يخطب: ٢ / ٤١٤، ومسلم في الكتاب والباب نفسه برقم (٨٥١) : ٢ / ٥٨٣، والمصنف في شرح السنة: ٤ / ٥٨٣. (٣) انظر هذه الآراء مع أدلتها في: التمهيد لابن عبد البر: ١١ / ٢٢-٥٦، الاستذكار: ٢ / ١٦٦-١٩٣، إمام الكلام للكنوي، فقد جمع فيه الأقوال مع الأدلة وناقشها بتجرد، ورجح ما يساعد عليه الدليل.