للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقِرَاءَتِهِ] (١) عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ لَا يَقْرَءُونَهُ مِنْ كِتَابٍ، وَقِيلَ: يَعْلَمُونَهُ حِفْظًا وَقِرَاءَةً لَا يَعْرِفُونَ مَعْنَاهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي غَيْرَ عَارِفِينَ بِمَعَانِي الْكِتَابِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: إِلَّا كَذِبًا وَبَاطِلًا قَالَ الْفَرَّاءُ: الْأَمَانِيُّ: الْأَحَادِيثُ الْمُفْتَعَلَةُ، قَالَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا تَمَنَّيْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ (أَيْ مَا كَذَبْتُ) (٢) ، وَأَرَادَ بِهَا الْأَشْيَاءَ الَّتِي كَتَبَهَا عُلَمَاؤُهُمْ مِنْ عِنْدِ أنفسهم ثم ١٤/ب أَضَافُوهَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ تَغْيِيرِ نَعْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ: هِيَ مِنَ التَّمَنِّي، وَهِيَ أَمَانِيُّهِمُ الْبَاطِلَةُ الَّتِي تَمَنَّوْهَا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِثْلَ قَوْلِهِمْ "لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى" (١١١-الْبَقَرَةِ) وَقَوْلِهِمْ: "لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً" (٨٠-الْبَقَرَةِ) وَقَوْلِهِمْ "نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ" (١٨-الْمَائِدَةِ) فَعَلَى هَذَا تَكُونُ (إِلَّا) بِمَعْنَى (لَكِنْ) أَيْ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ لَكِنْ يَتَمَنَّوْنَ أَشْيَاءَ لَا تَحْصُلُ لَهُمْ {وَإِنْ هُمْ} وَمَا هُمْ {إِلَّا يَظُنُّونَ} وَمَا هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ظَنًّا وَتَوَهُّمًا لَا يَقِينًا، قَالَهُ قَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ، قَالَ مُجَاهِدٌ: يَكْذِبُونَ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَوَيْلٌ} قَالَ الزَّجَّاجُ: وَيْلٌ كَلِمَةٌ يَقُولُهَا كُلُّ وَاقِعٍ فِي هَلَكَةٍ، وَقِيلَ: هُوَ دُعَاءُ الْكُفَّارِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: شِدَّةُ الْعَذَابِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: وَيْلٌ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ لَوْ سُيِّرَتْ فِيهِ جِبَالُ الدُّنْيَا لَانْمَاعَتْ مِنْ شِدَّةِ حَرِّهِ.

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ أَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكِسَائِيُّ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلَّالُ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ رِشْدِينِ بْنِ سَعْدٍ [عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ أَبِي السَّمْحِ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ] (٣) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْوَيْلُ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ يَهْوِي فِيهِ الْكَافِرُ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ قَعْرَهُ، وَالصُّعُودُ جَبَلٌ مِنْ نَارٍ يَتَصَعَّدُ فِيهِ سَبْعِينَ خَرِيفًا ثُمَّ يَهْوِي فَهُوَ كَذَلِكَ" (٤) .

{لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} وَذَلِكَ أَنَّ أَحْبَارَ الْيَهُودِ خَافُوا ذَهَابَ مَأْكَلَتِهِمْ وَزَوَالَ رِيَاسَتِهِمْ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، فَاحْتَالُوا فِي تَعْوِيقِ الْيَهُودِ عَنِ الْإِيمَانِ بِهِ فَعَمَدُوا إِلَى صِفَتِهِ فِي التَّوْرَاةِ، وَكَانَتْ صِفَتُهُ فِيهَا: حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الشَّعْرِ، أَكْحَلُ الْعَيْنَيْنِ، رَبْعَةٌ، فَغَيَّرُوهَا وَكَتَبُوا مَكَانَهَا طِوَالٌ أَزْرَقُ سَبْطُ الشَّعْرِ فَإِذَا سَأَلَهُمْ سَفِلَتُهُمْ عَنْ صِفَتِهِ قَرَءُوا مَا كَتَبُوا فَيَجِدُونَهُ مُخَالِفًا لِصِفَتِهِ فَيُكَذِّبُونَهُ وَيُنْكِرُونَهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ} يَعْنِي مَا كَتَبُوا


(١) في ب: إلا قراءة وتلاوة.
(٢) زيادة من (ب) .
(٣) ساقط من "أ" وهو في "ب" وشرح السنة.
(٤) أخرجه الترمذي: في التفسير - سورة الأنبياء: ٩ / ٥ وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث ابن لهيعة وأحمد: ٣ / ٧٥ وفي شرح السنة: ١٥ / ٢٤٧. (وفي سنده: رشدين بن سعد ودراج بن سمعان وكلاهما ضعيف) . انظر الضعفاء والمتروكين ص١٠٢،١٠٧. ميزان الاعتدال ٢ / ٢٤ و٤٩. الجرح والتعديل ٣ / ٤٤١ - ٥١٣ تهذيب التهذيب ٣ / ٢٠٨ - ٢٧٧ التقريب ١ / ٢٣٥-٢٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>