أَمَّا مَنْ كَانَ دَيْنُهُ فِي مَعْصِيَةٍ فَلَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} أَرَادَ بِهَا: الْغُزَاةَ، فَلَهُمْ سَهْمٌ مِنَ الصَّدَقَةِ، يُعْطَوْنَ إِذَا أَرَادُوا الْخُرُوجَ إِلَى الْغَزْوِ، وَمَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى أَمْرِ الْغَزْوِ مِنَ: النَّفَقَةِ، وَالْكُسْوَةِ، وَالسِّلَاحِ، وَالْحُمُولَةِ، وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ، وَلَا يُعْطَى مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْحَجِّ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَقَالَ قَوْمٌ: يَجُوزُ أَنْ يُصَرَفَ سَهْمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَى الْحَجِّ. وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَابْنَ السَّبِيلِ} الصِّنْفُ الثَّامِنُ: هُمْ أَبْنَاءُ السَّبِيلِ، فَكُلُّ مَنْ يُرِيدُ سَفَرًا مُبَاحًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَقْطَعُ بِهِ الْمَسَافَةَ يُعْطَى مِنَ الصَّدَقَةِ بِقَدْرِ مَا يَقْطَعُ بِهِ تِلْكَ الْمَسَافَةَ، سَوَاءٌ كَانَ لَهُ فِي الْبَلَدِ الْمُنْتَقِلِ إِلَيْهِ مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: ابْنُ السَّبِيلِ هُوَ الضَّيْفُ.
وَقَالَ فُقَهَاءُ الْعِرَاقِ: ابْنُ السَّبِيلِ: الْحَاجُّ الْمُنْقَطِعُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَرِيضَةً} أَيْ: وَاجِبَةً {مِنَ اللَّهِ} وَهُوَ نَصْبٌ عَلَى الْقَطْعِ، وَقِيلَ: عَلَى الْمَصْدَرِ، أَيْ: فَرَضَ اللَّهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فَرِيضَةً. {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} .
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ، وَفِي جَوَازِ صَرْفِهَا إِلَى بَعْضِ الْأَصْنَافِ:
فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَرْفُهَا كُلُّهَا إِلَى بَعْضِهِمْ مَعَ وُجُودِ سَائِرِ الْأَصْنَافِ، وَهُوَ قَوْلُ عِكْرِمَةَ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: يَجِبُ أَنْ تُقَسَّمَ زَكَاةُ كُلِّ صِنْفٍ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْمَوْجُودِينَ مِنَ الْأَصْنَافِ السِّتَّةِ، الَّذِينَ سُهْمَانُهُمْ ثَابِتَةٌ قِسْمَةً عَلَى السَّوَاءِ، لِأَنَّ سَهْمَ الْمُؤَلَّفَةِ سَاقِطٌ، وَسَهْمَ الْعَامِلِ إِذَا قُسِّمَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ حِصَّةُ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهُمْ لَا يَجُوزُ أَنْ تُصْرَفَ إِلَى أَقَلِّ مِنْ ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ إِنْ وُجِدَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَكَثُرُ، فَلَوْ فَاوَتَ بَيْنَ أُولَئِكَ الثَّلَاثِ يَجُوزُ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ بَعْضِ الْأَصْنَافِ إِلَّا وَاحِدٌ صُرِفَ حِصَّةُ ذَلِكَ الصِّنْفِ إِلَيْهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حَدِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَإِنِ انْتَهَتْ حَاجَتُهُ وَفَضُلَ شَيْءٌ رَدَّهُ إِلَى الْبَاقِينَ.
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَوْ صَرَفَ الْكُلَّ إِلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ، أَوْ إِلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَجُوزُ، وَإِنَّمَا سَمَّى اللَّهَ تَعَالَى هَذِهِ الْأَصْنَافَ الثَّمَانِيَةَ إِعْلَامًا مِنْهُ أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تُخْرَجُ عَنْ هَذِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute