للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَسَمِعَ ذَلِكَ فَخَرَجَ حَتَّى أَتَاهُ فَقَالَ: وَيَحُكَ يَا ثَعْلَبَةُ لِقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ كَذَا وَكَذَا، فَخَرَجَ ثَعْلَبَةُ حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ الصَّدَقَةَ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مَنَعَنِي أَنْ أَقْبَلَ مِنْكَ صَدَقَتَكَ، فَجَعَلَ يَحْثُو التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا عَمَلُكَ وَقَدْ أَمَرْتُكَ فَلَمْ تُطِعْنِي، فَلَمَّا أَبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْبِضَ صَدَقَتَهُ، رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ. وَقُبِضَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثُمَّ أَتَى أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ: اقْبَلْ صَدَقَتِي، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لِمَ يَقْبَلْهَا مِنْكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَنَا أَقْبَلُهَا؟ فَقُبِضَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَقْبَلْهَا. فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ أَتَاهُ فَقَالَ: اقْبَلْ صَدَقَتِي، فَقَالَ: لَمْ يَقْبَلْهَا مِنْكَ رَسُولُ اللَّهِ وَلَا أَبُو بَكْرٍ، أَنَا أَقْبَلُهَا مِنْكَ؟ فَلَمْ يَقْبَلْهَا فَلَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ أَتَاهُ فَلَمْ يَقْبَلْهَا مِنْهُ، وَهَلَكَ ثَعْلَبَةُ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ (١) .

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةُ: أَتَى ثَعْلَبَةُ مَجْلِسًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَشْهَدَهُمْ لَئِنْ آتَانِيَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ آتَيْتُ مِنْهُ كُلَّ ذِي حَقِّ حَقِّهِ، وَتَصَدَّقَتُ مِنْهُ، وَوَصَلْتُ الرَّحِمَ، وَأَحْسَنْتُ إِلَى الْقَرَابَةِ، فَمَاتَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ [فَوَرَّثَهُ] (٢) مَالًا فَلَمْ يَفِ بِمَا قَالَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ (٣) .

وَقَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ فِي ثَعْلَبَةَ بْنِ حَاطِبٍ وَمُعَتِّبِ بْنِ قُشَيْرٍ، وَهُمَا مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، خَرَجَا عَلَى مَلَأٍ قُعُودٍ وَقَالَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَزَقَنَا اللَّهُ [مَالًا] (٤) لَنَصَّدَّقَنَّ، فَلَمَّا رَزَقَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَخِلَا بِهِ (٥) فَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَمِنْهُمْ} يَعْنِي: الْمُنَافِقِينَ {مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} وَلِنُؤَدِّيَن حَقَّ اللَّهِ مِنْهُ. {وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} نَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الصَّلَاحِ فِيهِ؛ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ وَالنَّفَقَةِ فِي الْخَيْرِ.


(١) أخرجه الطبري: ١٤ / ٣٧٠-٣٧٢، والواحدي في أسباب النزول ص (٢٩٠-٢٩٢) ، وابن الأثير في أسد الغابة: ١ / ٢٨٤-٢٨٥، وأشار إلى أنه مخرج عن ابن منده وأبي نعيم وابن عبد البر في الاستيعاب ١٠ / ٢١٠، وعزاه الهيثمي للطبراني وقال: "فيه علي بن يزيد الألهاني، وهو متروك". وعزاه السيوطي في الدر: ٤ / ٢٤٦ والهيثمي في المجمع: ٧ / ٢١ للحسن بن سفيان وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والعسكري في الأمثال وابن مردويه وأبي نعيم في معرفة الصحابة، وابن عساكر. ومعان بن رفاعة السلمي: لين الحديث، وعلي بن يزيد: ضعيف بمرة. فالخبر ضعيف. قال فيه ابن حجر: "وهذا إسناد ضعيف جدا" وقال الشيخ محمود شاكر: "هو ضعيف كل الضعف -ليس له شاهد من غيره- وفي بعض رواته ضعف شديد". وفي كون المراد بالآية ثعلبة بن حاطب. نظر. فإنه بدري. وقد ثبت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية" وحكى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ربه تبارك وتعالى أنه قال لأهل بدر: (اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) فمن يكون بهذه المثابة كيف يعقبه الله نفاقا في قلبه، وينزل فيه ما ينزل؟ وثعلبة بن حاطب رضي الله عنه، الذي شهد بدرا، قتل في غزوة أحد، وفي هذ الرواية أنه هلك في عهد عثمان رضي الله عنه، فتأكد أنه ليس هو ثعلبة بن حاطب البدري. وانظر: الكافي الشاف ص (٧٧) ، الإصابة: ١ / ٤٠١، الحاوي للفتاوى: ٢ / ١٨٣.
(٢) في (أ) : فورث منه.
(٣) انظر: الطبري: ١٤ / ٣٧٣-٣٧٤، الدر المنثور: ٤ / ٢٤٧.
(٤) ساقط من "أ".
(٥) الطبري: ١٤ / ٣٧٤-٣٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>