للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَسَنَاتِ، وَقِيلَ: الْجَوَارِي الْحِسَانُ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} ، جَمْعُ خَيْرَةٍ (١) وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ [الْخَيْرَ] (٢) لَا يَعْلَمُ مَعْنَاهُ إِلَّا اللَّهُ كَمَا قَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: "فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ" (السَّجْدَةِ-١٧) . {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ} الْآيَةُ، قَرَأَ يَعْقُوبُ وَمُجَاهِدٌ: {َ الْمُعْذِرُونَ} بِالتَّخْفِيفِ وَهُمُ الْمُبَالِغُونَ فِي الْعُذْرِ، يُقَالُ فِي الْمَثَلِ: "لَقَدْ أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ" أَيْ: بَالَغَ فِي الْعُذْرِ مَنْ قَدَّمَ النِّذَارَةَ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ " الْمُعَذِّرُونَ " بِالتَّشْدِيدِ أَيِ: الْمُقَصِّرُونَ، يُقَالُ: عَذَّرَ أَيْ: قَصَّرَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْمُعَذِّرُونَ الْمُعْتَذِرُونَ أُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الذَّالِ وَنُقِلَتْ حَرَكَةُ التَّاءِ إِلَى الْعَيْنِ.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْمُعَذِّرُونَ هُمْ رَهْطُ عَامِرِ بن الطفيل جاؤوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِفَاعًا عَنْ أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنْ نَحْنُ غَزَوْنَا مَعَكَ تُغير أعراب طيء عَلَى حَلَائِلِنَا وَأَوْلَادِنَا وَمَوَاشِينَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ أَنْبَأَنِي اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيُغْنِي اللَّهُ عَنْكُمْ" (٣) .

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمُ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا بِعُذْرٍ بِإِذْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (٤) .

{وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} يَعْنِي: الْمُنَافِقِينَ.

قَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: كِلَا الْفَرِيقَيْنِ كَانَ مُسِيئًا قَوْمٌ تَكَلَّفُوا عُذْرًا بِالْبَاطِلِ، وَهُمُ الَّذِينَ عَنَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ} وَقَوْمٌ تَخْلَّفُوا عَنْ غَيْرِ تَكَلُّفِ عُذْرٍ فَقَعَدُوا جُرْأَةً عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَهُمْ


(١) قال الطبري: "الخيرات": هي خيرات الآخرة، وذلك، نساؤها، وجناتها، ونعيمها. واحدتها: "خَيْرَة"، كما قال الشاعر: ولقد طَعَنْتُ مُجَامِعَ الرَّبَلاَتِ ... رَبَلاَتِ هِنْدٍ خَيْرَةِ الْمَلَكَاتِ
"والخيرة" من كل شيء، الفاضلة. انظر: تفسير الطبري: ١٤ / ٤١٤-٤١٥.
(٢) في "أ": (الخيرات) .
(٣) انظر: البحر المحيط: ٥ / ٨٤.
(٤) انظر: تفسير الطبري: ١٤ / ٤١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>