للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَعْنِي: امْرَأَتَهُ وَاعِلَةَ وَابْنَهُ كَنْعَانَ، {وَمَنْ آمَنَ} يَعْنِي: وَاحْمِلْ مَنْ آمَنَ بِكَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

{وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ} وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِهِمْ (١) : قَالَ قَتَادَةُ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: لَمْ يَكُنْ فِي السَّفِينَةِ إِلَّا ثَمَانِيَةُ نَفَرٍ: نُوحٌ، وَامْرَأَتُهُ (٢) ، وَثَلَاثَةُ بَنِينَ لَهُ سَامٌ وَحَامٌ ويافثُ، وَنِسَاؤُهُمْ.

[وَقَالَ الْأَعْمَشُ: كَانُوا سَبْعَةً نُوحٌ وَثَلَاثَةُ بَنِينَ لَهُ، وَثَلَاثُ كَنَائِنَ لَهُ] (٣) .

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانُوا عَشَرَةً سِوَى نِسَائِهِمْ، نُوحٌ وَبَنُوهُ سَامٌ وَحَامٌ ويافثُ وَسِتَّةُ أُنَاسٍ مِمَّنْ كَانَ آمَنَ بِهِ وَأَزْوَاجُهُمْ جَمِيعًا.

وَقَالَ مُقَاتِلٌ: كَانُوا اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ نَفَرًا رَجُلًا وَامْرَأَةً وَبَنِيهِ الثَّلَاثَةَ وَنِسَاءَهُمْ، فَجَمِيعُهُمْ ثَمَانِيَةٌ وَسَبْعُونَ، نِصْفُهُمْ رِجَالٌ وَنِصْفُهُمْ نِسَاءٌ.

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ فِي سَفِينَةِ نُوحٍ ثَمَانُونَ رَجُلًا أَحَدُهُمْ جُرْهُمُ.

قال مقاتل: ١٧٥/أحَمَلَ نُوحٌ مَعَهُ جَسَدَ آدَمَ فَجَعَلَهُ مُعْتَرِضًا بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَقَصَدَ نُوحًا جَمِيعُ الدَّوَابِّ وَالطُّيُورِ لِيَحْمِلَهَا.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَوَّلُ مَا حَمَلَ نُوحٌ الدُّرَّةَ وَآخَرُ مَا حَمَلَ الْحِمَارُ، فَلَمَّا دَخَلَ الْحِمَارُ وَدَخَلَ صَدْرُهُ تَعَلَّقَ إِبْلِيسُ بِذَنَبِهِ، فَلَمْ يَسْتَقِلَّ رِجْلَاهُ، فَجَعَلَ نُوحٌ يَقُولُ: وَيْحَكَ ادْخُلْ: فَنَهَضَ فَلَمْ يَسْتَطِعْ، حَتَّى قَالَ نُوحٌ: وَيَحَكَ ادْخُلْ وَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَكَ كَلِمَةٌ زَلَّتْ عَلَى لِسَانِهِ، فَلَمَّا قَالَهَا نُوحٌ خَلَّى الشَّيْطَانُ سَبِيلَهُ فَدَخَلَ وَدَخَلَ الشَّيْطَانُ، فَقَالَ لَهُ نُوحٌ: مَا أَدْخَلَكَ عَلَيَّ يَا عَدُوَّ اللَّهِ؟ قَالَ: أَلَمْ تَقُلِ ادْخُلْ وَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ مَعَكَ، قَالَ: اخْرُجْ عَنِّي يَا عَدُوَّ اللَّهِ، قَالَ: مَالَكَ بُدٌّ مِنْ أَنْ تَحْمِلَنِي مَعَكَ، فَكَانَ فِيمَا يَزْعُمُونَ فِي ظَهْرِ الْفُلْكِ.

وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ: أَنَّ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ أَتَيَا نُوحًا فَقَالَتَا: احْمِلْنَا، فَقَالَ: إِنَّكُمَا سَبَبُ الضُّرِّ وَالْبَلَاءِ، فَلَا أَحْمِلُكُمَا، فَقَالَتَا لَهُ: احْمِلْنَا وَنَحْنُ نَضْمَنُ لَكَ أَنْ لَا نَضُرَّ أَحَدًا ذَكَرَكَ فَمَنْ قَرَأَ حِينَ خَافَ مَضَرَّتَهُمَا " سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ " مَا ضَرَّتَاهُ.

قَالَ الْحَسَنُ: لَمْ يَحْمِلْ نُوحٌ فِي السَّفِينَةِ إِلَّا مَا يَلِدُ وَيَبِيضُ، فَأَمَّا مَا يَتَوَلَّدُ مِنَ الطِّينِ مِنْ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ كَالْبَقِّ وَالْبَعُوضِ فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهَا شَيْئًا (٤) .


(١) انظر في هذه الأقوال: الطبري: ١٥ / ٣٢٥-٣٢٧ وقال: "والصواب من القول في ذلك أن يقال كما قال الله: "وما آمن معه إلا قليل"، يصفهم بأنهم كانوا قليلا، ولم يَحُدَّ عددهم بمقدار، ولا خبر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صحيح. فلا ينبغي أن يُتجاوز في ذلك حدُّ الله، إذا لم يكن لمبلغ عدد ذلك حدّ من كتاب الله، أو أثر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
(٢) قال ابن كثير رحمه الله: "وقيل: بل امرأة نوح كانت معهم في السفينة. وهذا فيه نظر، بل الظاهر أنها هلكت، لأنها كانت على دين قومها، فأصابها ما أصابهم، كما أصاب امرأة لوط ما أصاب قومها، والله أعلم وأحكم" التفسير: ٢ / ٤٤٦.
(٣) ما بين القوسين ساقط من "ب".
(٤) هذه القصص وأمثالها، ذكرها السيوطي في الدر: ٤ / ٤٢٣ وما بعدها. قال ابن عطية في المحرر الوجيز: ٧ / ٢٩٥ " ... وهذا كله قصص لا يصح إلا لو استند، والله أعلم كيف كان". وانظر فيما سبق ص (١٧٥) تعليق (١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>