للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ إِنَّمَا قُلْنَ ذَلِكَ مَكْرًا بِهَا لِتُرِيَهُنَّ يُوسُفَ، وَكَانَ يُوصَفُ لَهُنَّ حُسْنُهُ وَجَمَالُهُ.

وَقِيلَ: إِنَّهَا أَفْشَتْ إِلَيْهِنَّ سَرَّهَا وَاسْتَكْتَمَتْهُنَّ فَأَفْشَيْنَ ذَلِكَ، فَلِذَلِكَ سَمَّاهُ مَكْرًا.

{أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ} قَالَ وَهْبٌ: اتَّخَذَتْ مَأْدُبَةً، وَدَعَتْ أَرْبَعِينَ امْرَأَةً، مِنْهُنَّ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي عَيَّرْنَهَا. {وَأَعْتَدَتْ} أَيْ: أَعَدَّتْ، {لَهُنَّ مُتَّكَأً} أَيْ: مَا يُتَّكَأُ عَلَيْهِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ: مُتَّكَأً أَيْ: طَعَامًا، سَمَّاهُ مُتَّكَأً لِأَنَّ أَهْلَ الطَّعَامِ إِذَا جَلَسُوا يَتَّكِئُونَ عَلَى الْوَسَائِدِ، فَسَمَّى الطَّعَامَ مُتَّكَأً عَلَى الِاسْتِعَارَةِ. يُقَالُ: اتَّكَأْنَا عِنْدَ فُلَانٍ أَيْ: طَعِمْنَا (١) . وَيُقَالُ: الْمُتَّكَأُ مَا اتَّكَأْتَ عَلَيْهِ لِلشُّرْبِ أَوِ الْحَدِيثِ أَوِ الطَّعَامِ (٢) ، وَيُقْرَأُ فِي الشَّوَاذِّ مَتْكَأً بِسُكُونِ التَّاءِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: [هُوَ الْأُتْرُجُّ. وَيُرْوَى عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلُهُ. وَقِيلَ] (٣) هُوَ الْأُتْرُجُّ بِالْحَبَشَةِ.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ الرَّبَاوَرْدُ (٤) .

وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هُوَ كُلُّ شَيْءٍ يُقْطَعُ بِالسِّكِّينِ.

وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ: كُلُّ مَا يُجَزُّ بِالسِّكِّينِ فَهُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ مُتْكٌ، وَالْمُتْكُ وَالْبُتْكُ بِالْمِيمِ وَالْبَاءِ: الْقَطْعُ، فَزَيَّنَتْ [الْمَأْدُبَةَ بِأَلْوَانِ] (٥) الْفَوَاكِهِ وَالْأَطْعِمَةِ، وَوَضَعَتِ الْوَسَائِدَ وَدَعَتِ النِّسْوَةَ.

{وَآتَتْ} وَأَعْطَتْ، {كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا} فَكُنَّ يَأْكُلْنَ اللَّحْمَ حَزَّا بِالسِّكِّينِ.

{وَقَالَتْ} لِيُوسُفَ، {اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ} وَذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ أَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِنَّ يُوسُفُ.

قَالَ عِكْرِمَةُ: كَانَ فَضْلُ يُوسُفَ عَلَى النَّاسِ فِي الْحُسْنِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ النُّجُومِ.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسَرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ يُوسُفَ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ" (٦) .

قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ: كَانَ يُوسُفُ إِذَا سَارَ فِي أَزِقَّةِ مِصْرَ يُرَى تَلَأْلُؤُ وَجْهِهِ عَلَى الْجُدْرَانِ.


(١) في "أ": أطعمنا.
(٢) في "أ": لشراب أو لحديث أو لطعام.
(٣) ساقط من "أ".
(٤) في "ب": الزماورد.
(٥) في "ب": بيتا بأنواع.
(٦) قال ابن حجر في "الكافي الشاف" ص (٨٩) : "رواه الثعلبي من رواية أبي هارون العبدي عن أبي سعيد. وأخرجه الحاكم والبيهقي في الدلائل، وابن مردويه من هذا الوجه مطولا، وأبو هارون العبدي ضعيف".

<<  <  ج: ص:  >  >>