للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهُمْ جُلُوسٌ بَيْنَ ظَهْرَيِ الْكَهْفِ لَمْ يَرَوْا إِلَّا أَرْيُوسَ وَأَصْحَابَهُ وُقُوفًا عَلَى بَابِ الْكَهْفِ.

وَسَبَقَهُمْ يَمْلِيخَا فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ وَهُوَ يَبْكِي فَلَمَّا رَأَوْهُ يَبْكِي بَكَوْا مَعَهُ ثُمَّ سَأَلُوهُ عَنْ شَأْنِهِ فَأَخْبَرَهُمْ وَقَصَّ عَلَيْهِمُ النَّبَأَ كُلَّهُ فَعَرَفُوا عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا نِيَامًا بِأَمْرِ اللَّهِ ذَلِكَ الزَّمَانَ كُلَّهُ بِأَمْرِ اللَّهِ وَإِنَّمَا أُوقِظُوا لِيَكُونُوا آيَةً لِلنَّاسِ وَتَصْدِيقًا لِلْبَعْثِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا.

ثُمَّ دَخَلَ عَلَى أَثَرِ يَمْلِيخَا أَرْيُوسُ فَرَأَى تَابُوتًا مِنْ نُحَاسٍ مَخْتُومًا بِخَاتَمٍ مِنْ فِضَّةٍ فَقَامَ بِبَابِ الْكَهْفِ ثُمَّ دَعَا رَجُلًا مِنْ عُظَمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَفُتِحَ التَّابُوتَ عِنْدَهُمْ (١) فَوَجَدُوا فِيهِ لَوْحَيْنِ مِنْ رَصَاصٍ مَكْتُوبًا فِيهِمَا: أَنَّ مَكْسِلْمِينَا وَمَخْشِلْمِينَا وَيَمْلِيخَا وَمَرْطُونِسْ وَكَشْطُونِسْ وَيَبْرُونِسْ وَدِيمُوسُ وَبَطْيُوسُ وَحَالُوشُ كَانُوا فَتْيَةً هَرَبُوا مِنْ مَلِكِهِمْ دِقْيَانُوسَ الْجَبَّارِ مَخَافَةَ أَنْ يَفْتِنَهُمْ عَنْ دِينِهِمْ فَدَخَلُوا هَذَا الْكَهْفَ فَلَمَّا أُخْبِرَ بِمَكَانِهِمْ أَمَرَ بِالْكَهْفِ فَسُدَّ عَلَيْهِمْ بِالْحِجَارَةِ وَإِنَّا كَتَبْنَا شَأْنَهُمْ وَخَبَرَهُمْ لِيَعْلَمَهُ مَنْ بَعْدَهُمْ إِنْ عَثَرَ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا قَرَأُوهُ وَعَجِبُوا وحمدوا اللَّهَ الَّذِي أَرَاهُمْ آيَةَ الْبَعْثِ فِيهِمْ ثُمَّ رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِحَمْدِ اللَّهِ وَتَسْبِيحِهِ ثُمَّ دَخَلُوا عَلَى الْفِتْيَةِ إِلَى الْكَهْفِ فَوَجَدُوهُمْ جُلُوسًا بَيْنَ ظهرانيهم مُشْرِقَةً وُجُوهُهُمْ لَمْ تَبْلَ ثِيَابُهُمْ فَخَرَّ أَرْيُوسُ وَأَصْحَابُهُ سُجُودًا وَحَمِدُوا اللَّهَ الَّذِي أَرَاهُمْ آيَةً مِنْ آيَاتِهِ ثُمَّ كَلَّمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَأَنْبَأَهُمُ الْفِتْيَةُ عَنِ الَّذِي لَقُوا مِنْ مَلِكِهِمْ دِقْيَانُوسَ [مِنْ إِكْرَاهِهِمْ عَلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَالذَّبْحِ لِلطَّوَاغِيتِ وَإِخْفَاءِ إِيمَانِهِمْ عَنْهُ وَهَرَبِهِمْ إِلَى الْكَهْفِ] (٢) ثُمَّ إِنَّ أَرْيُوسَ وَأَصْحَابَهُ بَعَثُوا بَرِيدًا إِلَى مَلِكِهِمُ الصَّالِحِ بَيْدَرُوسَ أَنْ عَجِّلْ إِلَيْنَا لَعَلَّكَ تَنْظُرُ إِلَى آيَةٍ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي مُلْكِكَ وَجَعَلَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ لِتَكَوُنَ لَهُمْ نُورًا وَضِيَاءً وَتَصْدِيقًا لِلْبَعْثِ فَاعْجَلْ إِلَى فِتْيَةٍ بَعَثَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ كَانَ تَوَفَّاهُمْ مُنْذُ أكثر من ثلثمائة سَنَةٍ فَلَمَّا أَتَى الْمَلِكَ الْخَبَرُ رَجَعَ إِلَيْهِ عَقْلُهُ وَذَهَبَ هَمُّهُ فَقَالَ: أَحْمَدُكَ اللَّهَ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْبُدُكَ وَأُسَبِّحُ لَكَ تَطَوَّلْتَ عَلَيَّ وَرَحِمْتَنِي فَلَمْ تُطْفِئِ النُّورَ الَّذِي كُنْتَ جَعَلْتَهُ لِآبَائِي لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ أَسْطَنْطَيْنُوسَ الْمَلِكِ.

فَلَمَّا نَبَّأَ بِهِ أَهْلَ الْمَدِينَةِ رَكِبُوا إِلَيْهِ وَسَارُوا مَعَهُ حَتَّى أَتَوْا مَدِينَةَ أَفْسُوسَ فَتَلَقَّاهُمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَسَارُوا مَعَهُ حَتَّى صَعِدُوا نَحْوَ الْكَهْفِ فَلَمَّا رَأَى الْفِتْيَةُ بَيْدَرُوسَ فَرِحُوا بِهِ وَخَرُّوا سُجَّدًا عَلَى وُجُوهِهِمْ وَقَامَ بَيْدَرُوسُ فَاعْتَنَقَهُمْ وَبَكَى وَهُمْ جُلُوسٌ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ يُسَبِّحُونَ اللَّهَ وَيَحْمَدُونَهُ ثُمَّ قَالَ الْفِتْيَةُ لِبَيْدَرُوسَ: نَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ [إِيمَانَكَ وَخَوَاتِيمَ أَعْمَالِكَ] (٣) وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ حَفِظَكَ اللَّهُ وَحَفِظَ مُلْكَكَ وَنُعِيذُكَ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ فَبَيْنَمَا الْمَلِكُ قَائِمٌ إِذْ رَجَعُوا إِلَى مَضَاجِعِهِمْ فَنَامُوا وَتَوَفَّى اللَّهُ تَعَالَى أَنْفُسَهُمْ وَقَامَ الْمَلِكُ إِلَيْهِمْ فَجَعَلَ ثِيَابَهُمْ عَلَيْهِمْ وَأَمَرَ أَنْ يُجْعَلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فِي تَابُوتٍ مِنْ ذَهَبٍ فَلَمَّا أَمْسَى وَنَامَ أَتَوْهُ فِي الْمَنَامِ فَقَالُوا لَهُ:


(١) ساقط من "أ".
(٢) ما بين القوسين ساقط من "ب". / ٢ ٢١٦ / ب / ٢.
(٣) ساقط من "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>