للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَتَطَوُّعٌ، وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يُوجِبْهُمَا بِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ؟ فَقَالَ: {لَا وَأَنْ تَعْتَمِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (١) وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ وَمَعْنَى قَوْلِهِ {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} أي ابتدءوهما، فَإِذَا دَخَلْتُمْ فِيهِمَا فَأَتِمُّوهُمَا فَهُوَ أَمْرٌ بِالِابْتِدَاءِ وَالْإِتْمَامِ أَيْ أَقِيمُوهُمَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ" (١٨٧-البقرة) أي ابتدءوه وَأَتِمُّوهُ.

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّيَانِيُّ أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَيْسَ لِلْحَجِّ الْمَبْرُورِ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةَ" (٢) وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَيْسَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَحَدٌ إِلَّا وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَاجِبَتَانِ إِنِ اسْتَطَاعَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} زَادَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ خَيْرٌ تطوع، وَاتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَدَاءُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

الْإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، فَصُورَةُ الْإِفْرَادِ أَنْ يُفْرِدَ الْحَجَّ، ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ منه يعتمر ٢٩/أوَصُورَةُ التَّمَتُّعِ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ أَعْمَالِ الْعُمْرَةِ، يُحْرِمُ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ فَيَحُجُّ فِي هَذَا الْعَامِ، وَصُورَةُ الْقِرَانِ: أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَعًا أَوْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ يُدْخِلُ عَلَيْهَا الْحَجَّ قَبْلَ أَنْ يَفْتَتِحَ الطَّوَافَ فَيَصِيرُ قَارِنًا، وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ: فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ الْإِفْرَادَ أَفْضَلُ ثُمَّ التَّمَتُّعَ ثُمَّ الْقِرَانَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ لِمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَخْسِيُّ أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ


(١) رواه الترمذي: في الحج - باب: ما جاء في العمرة أواجبة هي أم لا؟ ٣ / ٦٧٩ وقال: هذا حديث حسن صحيح، وفي تصحيحه له نظر: فإن في سنده الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف ولعل تصحيح الترمذي هذه الرواية لمجيئها من طرق أخرى. رواه أحمد: ٣ / ٣١٦ عن جابر بن عبد الله. ورواه البيهقي: في السنن وقال: المحفوظ عن جابر موقوف كذا رواه ابن جريج وروي عن جابر بخلاف ذلك مرفوعا من حديث ابن لهيعة وكلاهما ضعيف (انظر التلخيص الحبير: ٢ / ٢٢٦) .
(٢) رواه الترمذي في الحج - باب: ما جاء في ثواب الحج العمرة ٣ / ٥٣٨-٥٣٩ وقال: حسن صحيح غريب. ورواه النسائي: في الحج - باب: فضل المتابعة بين الحج والعمرة: ٥ / ١١٥-١١٦. ورواه ابن ماجه: في المناسك - باب: فضل الحج والعمرة: ٢ / ٩٦٤ برقم (٢٨٨٧) . ورواه ابن خزيمة: في المناسك - باب: الأمر بالمتابعة بين الحج والعمرة ٤ / ١٣٠. وأخرجه أحمد: ١ / ٣٨٧، ٣ / ٤٤٦-٤٤٧ عن عبد الله بن مسعود، وعن عامر بن ربيعة. والمصنف في شرح السنة: ٧ / ٧ عن عبد الله بن مسعود. وهو صحيح بشواهده.

<<  <  ج: ص:  >  >>