للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: {أُذِنَ} بِضَمِّ الْهَمْزَةِ.

{حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ، وَيَعْقُوبُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالزَّايِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ الزَّايِ أَيْ: كُشِفَ الْفَزَعُ وَأُخْرِجَ عَنْ قُلُوبِهِمْ، فَالتَّفْرِيغُ إِزَالَةُ الْفَزَعِ كَالتَّمْرِيضِ وَالتَّفْرِيدِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَوْصُوفِينَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، فَقَالَ قَوْمٌ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ السَّبَبِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا يُفَزِّعُ عَنْ قُلُوبِهِمْ مِنْ غَشْيَةٍ تُصِيبُهُمْ عِنْدَ سَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ {قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} (١)

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشُّرَيْحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبَانَ الْمِصْرِيُّ، أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُوحِيَ بِالْأَمْرِ تَكَلَّمَ بالوحي أخذت السموات مِنْهُ رَجْفَةٌ أَوْ قَالَ: رِعْدَةٌ شَدِيدَةٌ خَوْفًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِذَا سَمِعَ بذلك أهل السموات صُعِقُوا وَخَرُّوا لِلَّهِ سُجَّدًا، فَيَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ جِبْرِيلُ، فَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ مِنْ وَحْيِهِ بِمَا أَرَادَ، ثُمَّ يَمُرُّ جِبْرِيلُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ كُلَّمَا مَرَّ بِسَمَاءٍ سَأَلَهُ مَلَائِكَتُهَا مَاذَا قَالَ رَبُّنَا يَا جِبْرِيلُ؟ فَيَقُولُ جِبْرِيلُ: قَالَ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ، قَالَ فَيَقُولُونَ كُلُّهُمْ مِثْلَ مَا قَالَ جِبْرِيلُ، فَيَنْتَهِي جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ". (٢)

وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا يَفْزَعُونَ حَذَرًا مِنْ قِيَامِ السَّاعَةِ.

قَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ وَالسُّدِّيُّ: كَانَتِ الْفَتْرَةُ بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، خَمْسَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَقِيلَ سِتَّمِائَةِ سَنَةٍ لَمْ تَسْمَعِ الْمَلَائِكَةُ فِيهَا وَحْيًا، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرِّسَالَةِ فَلَمَّا سَمِعَتِ الْمَلَائِكَةُ ظَنُّوا أَنَّهَا السَّاعَةُ، لِأَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند أهل السموات مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ، فَصُعِقُوا مِمَّا سَمِعُوا خَوْفًا مِنْ قِيَامِ السَّاعَةِ، فَلَمَّا انْحَدَرَ جِبْرِيلُ جَعَلَ يَمُرُّ بِأَهْلِ كُلِّ سَمَاءٍ فَيَكْشِفُ عَنْهُمْ فَيَرْفَعُونَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: قَالَ الْحَقَّ، (٣) يَعْنِي الْوَحْيَ، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ.


(١) أخرجه البخاري في التفسير- تفسير سورة الحجر- ٨ / ٣٨٠.
(٢) أخرجه الطبري: ٢٢ / ٩١، وابن خزيمة في "التوحيد وإثبات الصفات" ص (٩٥) ، الطبعة المنيرية، والبيهقي في الأسماء والصفات: ١ / ٣٢٦ وابن أبي عاصم في السنة: ١ / ٢٢٧، وقال الهيثمي في المجمع: ٧ / ٩٥ "رواه الطبراني عن شيخه يحيى بن عثمان ابن صالح، وقد وثق، وتكلم فيه من لم يسم بغير قادح معين، وبقية رجاله ثقات"، وضعفه الألباني في "ظلال الجنة": ١ / ٢٢٧.
(٣) انظر: ابن كثير: ٣ / ٥٣٨، زاد المسير: ٦ / ٤٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>