للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْكُرْسِيُّ مَوْضُوعٌ أَمَامَ الْعَرْشِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: "وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ" أَيْ سِعَتُهُ مِثْلُ سِعَةِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَفِي الْأَخْبَارِ أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي جَنْبِ الْكُرْسِيِّ كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ، وَالْكُرْسِيُّ فِي جَنْبِ الْعَرْشِ كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ. وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ فِي الْكُرْسِيِّ كَدَرَاهِمَ سَبْعَةٍ أُلْقِيَتْ فِي تُرْسٍ (١) .

وَقَالَ عَلَيٌّ وَمُقَاتِلٌ: كُلُّ قَائِمَةٍ مِنَ الْكُرْسِيِّ طُولُهَا مِثْلُ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعِ، وَهُوَ بَيْنَ يَدَيِ الْعَرْشِ، وَيَحْمِلُ الْكُرْسِيَّ أَرْبَعَةُ أَمْلَاكٍ، لِكُلِّ مَلَكٍ أَرْبَعَةُ وُجُوهٍ، وَأَقْدَامُهُمْ فِي الصَّخْرَةِ الَّتِي تَحْتَ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ السُّفْلَى مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، مَلَكٌ عَلَى صُورَةِ سَيِّدِ الْبَشَرِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ يَسْأَلُ لِلْآدَمِيِّينَ الرِّزْقَ وَالْمَطَرَ مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ، وَمَلَكٌ عَلَى صُورَةِ سَيِّدِ الْأَنْعَامِ وَهُوَ الثَّوْرُ وَهُوَ يَسْأَلُ لِلْأَنْعَامِ الرِّزْقَ مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ وَعَلَى وَجْهِهِ غَضَاضَةٌ مُنْذُ عُبِدَ الْعِجْلُ، وَمَلَكٌ عَلَى صُورَةِ سَيِّدِ السِّبَاعِ وَهُوَ الْأَسَدُ يَسْأَلُ لِلسِّبَاعِ الرِّزْقَ مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ، [وَمَلَكٌ عَلَى صُورَةِ سَيِّدِ الطَّيْرِ وَهُوَ النَّسْرُ يَسْأَلُ الرِّزْقَ لِلطَّيْرِ مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ] (٢) وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّ مَا بَيْنَ حَمَلَةِ الْعَرْشِ وَحَمَلَةِ الْكُرْسِيِّ سَبْعِينَ حِجَابًا مِنْ ظُلْمَةٍ وَسَبْعِينَ حِجَابًا مِنْ نُورٍ غِلَظُ كُلِّ حِجَابٍ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ لَوْلَا ذَلِكَ لَاحْتَرَقَ حَمَلَةُ الْكُرْسِيِّ مِنْ نُورِ حَمَلَةِ الْعَرْشِ.

وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَرَادَ بِالْكُرْسِيِّ عِلْمَهُ (٣) وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ، وَمِنْهُ قِيلَ لِصَحِيفَةِ الْعِلْمِ كُرَّاسَةٌ، وَقِيلَ: كُرْسِيُّهُ مُلْكُهُ وَسُلْطَانُهُ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْمُلْكَ الْقَدِيمَ كُرْسِيًّا، {وَلَا يَئُودُهُ} أَيْ لَا يُثْقِلُهُ وَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِ يُقَالُ: آدَنِي الشَّيْءُ أَيْ أَثْقَلَنِي {حِفْظُهُمَا} أَيْ حِفْظُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ {وَهُوَ الْعَلِيُّ} الرَّفِيعُ فَوْقَ خَلْقِهِ وَالْمُتَعَالِي عَنِ الْأَشْيَاءِ وَالْأَنْدَادِ، وَقِيلَ الْعَلِيُّ بِالْمُلْكِ وَالسَّلْطَنَةِ {الْعَظِيمُ} الْكَبِيرُ الَّذِي لَا شَيْءَ أَعْظَمُ مِنْهُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ الْأَنْصَارِ تَكُونُ مِقْلَاةً - (الْمِقْلَاةُ مِنَ النِّسَاءِ) (٤) لَا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ -وَكَانَتْ تَنْذُرُ لَئِنْ عَاشَ لَهَا وَلَدٌ لَتُهَوِّدَنَّهُ


(١) أورده الطبري في التفسير برواية أخرى قال: حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد حدثني أبي قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما السماوات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس" ٥ / ٣٩٩. ورواه محمد بن أبي شيبة في كتاب العرش، وعزاه ابن كثير لابن مردويه، وأخرجه البيهقي في الأسماء والصفات: ٢ / ١٤٩ وفيه إبراهيم ابن هشام بن يحيى الغساني: متروك كذبه أبو حاتم وأبو زرعة، وطرق الحديث كلها واهية، فلا تعتضد لضعفها، انظر: النهج السديد في تخريج أحاديث تيسير العزيز الحميد ص ٢٨٣.
(٢) ساقط من (ب) .
(٣) نقل ذلك عنه الطبري في التفسير: ٥ / ٣٩٧-٣٩٨، والبيهقي في الأسماء والصفات، فقال: "وروينا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "علمه" ثم قال: وسائر الروايات عن ابن عباس وغيره تدل على أن المراد به الكرسي المشهور المذكور مع العرش، انظر: الأسماء والصفات للبيهقي: ٢ / ١٣٤-١٣٥.
(٤) ساقط من (ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>