للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَدَأَ بِهِنَّ لِأَنَّهُنَّ حَبَائِلُ الشَّيْطَانِ {وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ} جَمْعُ قِنْطَارٍ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: الْقِنْطَارُ الْمَالُ الْكَثِيرُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْقِنْطَارُ أَلْفٌ وَمِائَتَا أُوقِيَّةٍ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا [وَالضَّحَّاكُ] (١) أَلْفٌ وَمِائَتَا مِثْقَالٍ. وَعَنْهُمَا رِوَايَةٌ أُخْرَى اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَلْفُ [دِينَارٍ] (٢) دِيَةُ أَحَدِكُمْ، وَعَنِ الْحَسَنِ الْقِنْطَارُ دِيَةُ أَحَدِكُمْ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةُ: هُوَ مِائَةُ أَلْفٍ وَمِائَةُ مَنٍّ وَمِائَةُ رَطْلٍ وَمِائَةُ مِثْقَالٍ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ، وَلَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ يَوْمَ جَاءَ وَبِمَكَّةَ مِائَةُ رَجُلٍ قَدْ قَنْطَرُوا، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَقَتَادَةُ: ثَمَانُونَ أَلْفًا، وَقَالَ مُجَاهِدٌ سَبْعُونَ أَلْفًا، وَعَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: أَرْبَعَةُ آلَافِ مِثْقَالٍ، وَقَالَ الْحَكَمُ: الْقِنْطَارُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مِنْ مَالٍ، وَقَالَ أَبُو نَضْرَةَ: مِلْءُ مَسْكِ ثَوْرٍ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً.

وَسُمِّيَ قِنْطَارًا مِنَ الْإِحْكَامِ، يُقَالُ: قَنْطَرْتُ الشَّيْءَ إِذَا أَحْكَمْتُهُ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْقَنْطَرَةُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {الْمُقَنْطَرَةِ} قَالَ الضَّحَّاكُ: الْمُحَصَّنَةُ الْمُحْكَمَةُ، وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ الْكَثِيرَةُ الْمُنَضَّدَةُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ وَقَالَ يَمَانٌ: [الْمَدْفُونَةُ] (٣) وَقَالَ السُّدِّيُّ الْمَضْرُوبَةُ الْمَنْقُوشَةُ حَتَّى صَارَتْ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ، وَقَالَ [الْفَرَّاءُ] (٤) الْمُضَعَّفَةُ، فَالْقَنَاطِيرُ ثَلَاثَةٌ وَالْمُقَنْطَرَةُ تِسْعَةٌ {مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ} وَقِيلَ سُمِّيَ الذَّهَبُ ذَهَبًا لِأَنَّهُ يَذْهَبُ وَلَا يَبْقَى، وَالْفِضَّةُ لِأَنَّهَا تَنْفَضُّ أَيْ تَتَفَرَّقُ {وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ} الْخَيْلُ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ وَاحِدُهَا فَرَسٌ، كَالْقَوْمِ وَالنِّسَاءِ وَنَحْوِهِمَا، الْمُسَوَّمَةُ قَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ الْمُطَهَّمَةُ الْحِسَانُ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ: تَسْوِيمُهَا حُسْنُهَا، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هِيَ الرَّاعِيَةُ، يُقَالُ: أَسَامَ الْخَيْلَ وَسَوَّمَهَا قَالَ الْحَسَنُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: هِيَ الْمُعَلَّمَةُ مِنَ السِّيمَاءِ وَالسِّيمَاءُ الْعَلَامَةُ، ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: سِيمَاهَا الشَّبَهُ وَاللَّوْنُ وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ وَقِيلَ: الْكَيُّ.

{وَالْأَنْعَامِ} جَمْعُ النَّعَمِ، وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ {وَالْحَرْثِ} يَعْنِي الزَّرْعَ {ذَلِكَ} الَّذِي ذَكَرْنَا {مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} يُشِيرُ إِلَى أَنَّهَا مَتَاعٌ يَفْنَى {وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} أَيِ الْمَرْجِعِ، فِيهِ تَزْهِيدٌ فِي الدُّنْيَا وَتَرْغِيبٌ فِي الْآخِرَةِ.


(١) ساقط من أ.
(٢) في ب درهم.
(٣) في ب المدقومة.
(٤) في أالسدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>