للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَحُذَيْفَةَ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.

وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ مَسِ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ، فَقَالَ: "هَلْ هُوَ إِلَّا بِضْعَةٌ مِنْكَ"؟ وَيُرْوَى "هَلْ هُوَ إِلَّا بِضْعَةٌ أَوْ مُضْغَةٌ مِنْهُ" (١) .

وَمَنْ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ مِنْهُ قَالَ: هَذَا مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ بُسْرَةِ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَرْوِي أَيْضًا: أَنَّ الْوُضُوءَ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ (٢) ، وَهُوَ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ، وَكَانَ قُدُومُ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَى رسول الله ٨٧/أصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ زَمَنِ الْهِجْرَةِ حِينَ كَانَ يَبْنِي الْمَسْجِدَ.

وَاخْتَلَفُوا فِي خُرُوجِ النَّجَاسَةِ مِنْ غَيْرِ الْفَرْجَيْنِ بِالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْقَيْءِ وَنَحْوَهُ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَالْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ.

وَذَهَبَتْ جَمَاعَةٌ إِلَى إِيجَابِ الْوُضُوءِ بِالْقَيْءِ وَالرُّعَافِ وَالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ مِنْهُمْ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ.

وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْقَلِيلَ مِنْهُ وَخُرُوجَ الرِّيحِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ لَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ وَلَوْ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ كَثِيرُهُ لِأُوجَبَ قَلِيلُهُ كَالْفَرْجِ.

{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} اعْلَمْ أَنَّ التَّيَمُّمَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، رَوَى حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَجُعِلَتْ لَنَا


(١) أخرجه أبو داود في الطهارة، باب الرخصة في ذلك (الوضوء من مس الذكر) : ١ / ١٣٣ ونقل المنذري فيه قول يحيى بن معين: "لقد أكثر الناس في قيس بن طلق وأنه لا يحتج بحديثه، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن هذا الحديث فقال: قيس بن طلق ليس ممن تقوم به حجة، ووهنّاه ولم يثبتاه". وأخرجه الترمذي في الطهارة، باب ما جاء في ترك الوضوء من مس الذكر: ١ / ٢٧٤، والنسائي في الطهارة، باب الوضوء من ذلك: ١ / ١٠١، وابن ماجه في الطهارة، باب الرخصة في ذلك برقم (٤٨٣) : ١ / ١٦٣، والدارقطني في الطهارة: ١ / ٤٩ وابن حبان في الطهارة، باب ما جاء في مس الفرج برقم (٢٠٧) ، ص (٧٧) من موارد الظمآن، وأحمد: ٤ / ٢٢ - ٢٣، والمصنف في شرح السنة: ١ / ٣٤٢. وانظر: تلخيص الحبير: ١ / ١٢٥، نصب الراية: ١ / ٦٠ - ٧٦. وقد صحح الحديث: الدارقطني والطحاوي وعمرو بن علي الفلاس وابن المديني، والطبراني وابن حزم. وضعفه الشافعي وأبو حاتم وأبو زرعة والبيهقي وابن الجوزي، وادعى فيه النسخ: ابن حبان والطبراني وابن العربي والحازمي وآخرون.
(٢) أخرجه الشافعي في المسند: ١ / ٣٥ (ترتيب المسند) وفي الأم: ١ / ١٥ - ١٦، والبيهقي في السنن: ١ / ١٣٣، والدارقطني: ١ / ١٤٧، وصححه الحاكم: ١ / ١٣٨ بلفظ: من مس فرجه. . وابن حبان برقم (٢١٠) ص (٧٧) موارد الظمآن، وأحمد: ٢ / ٣٣٣، وأخرجه البخاري في التاريخ موقوفا على أبي هريرة. انظر: نصب الراية: ١ / ٥٦. وقال النووي: في إسناده ضعف، لكنه يقوى بكثرة طرقه. انظر: المجموع: ٢ / ٣٧. وأخرجه المصنف في شرح السنة: ١ / ٣٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>