للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَضَى فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ، وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ وَفِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ، وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ (١) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} أَيْ: يُهْدِي تِلْكَ الْكَفَّارَةَ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَيَذْبَحُهَا بِمَكَّةَ وَيَتَصَدَّقُ بِلَحْمِهَا عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ، {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} قَالَ الْفَرَّاءُ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْعِدْلُ بِالْكَسْرِ: الْمِثْلُ مِنْ جِنْسِهِ، وَالْعَدْلُ بِالْفَتْحِ: الْمِثْلُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَأَرَادَ بِهِ: أَنَّهُ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَذْبَحَ الْمِثْلَ مِنَ النَّعَمِ، فَيَتَصَدَّقَ بلحمه على المساكين الْحَرَمِ، وَبَيْنَ أَنْ يُقَوِّمَ الْمِثْلَ دَرَاهِمَ، وَالدَّرَاهِمَ طَعَامًا، فَيَتَصَدَّقَ بالطعام على المساكين الْحَرَمِ، أَوْ يَصُومَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ مِنَ الطَّعَامِ يَوْمًا وَلَهُ أَنْ يَصُومَ حَيْثُ شَاءَ لِأَنَّهُ لَا نَفْعَ فِيهِ لِلْمَسَاكِينِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ لَمْ يُخْرِجِ الْمِثْلَ يُقَوِّمُ الصَّيْدَ ثُمَّ يَجْعَلُ الْقِيمَةَ طَعَامًا فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، أَوْ يَصُومُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا يَجِبُ الْمِثْلُ مِنَ النَّعَمِ، بَلْ يُقَوِّمُ الصَّيْدَ فَإِنْ شَاءَ صَرَفَ تِلْكَ الْقِيمَةَ إِلَى شَيْءٍ مِنَ النَّعَمِ، وَإِنْ شَاءَ إِلَى الطَّعَامِ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، وَإِنْ شَاءَ صَامَ عَنْ كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٍ مِنْ غَيْرِهِ يَوْمًا.

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ جَزَاءُ الصَّيْدِ عَلَى التَّرْتِيبِ وَالْآيَةُ حُجَّةٌ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى التخيير.

قوله ١١٢\أتَعَالَى: {لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} أَيْ: جَزَاءَ مَعْصِيَتِهِ، {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ} يَعْنِي: قَبْلَ التَّحْرِيمِ، وَنُزُولِ الْآيَةِ، قَالَ السُّدِّيُّ: عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} فِي الْآخِرَةِ. {وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} وَإِذَا تَكَرَّرَ مِنَ الْمُحْرِمِ قَتْلُ الصَّيْدِ فَيَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِذَا قَتَلَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا مُتَعَمِّدًا يُسْأَلُ هَلْ قَتَلْتَ قَبْلَهُ شَيْئًا مِنَ الصَّيْدِ؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ، وَقِيلَ لَهُ: اذْهَبْ يَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْكَ، وَإِنْ قَالَ لَمْ أَقْتُلْ قَبْلَهُ شَيْئًا حُكِمَ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ يُمْلَأُ ظَهْرُهُ وَصَدْرُهُ ضَرْبًا وَجِيعًا، وَكَذَلِكَ حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجٍّ وَهُوَ وَادٍ بِالطَّائِفِ (٢) .


(١) أخرجه مالك في الموطأ، كتاب الحج، باب فدية ما أصيب من الطير والوحش: ١ / ٤١٤، والشافعي في المسند: ١ / ٣٣٠-٣٣١، والبيهقي في السنن: ٥ / ١٨٣، وصححه الألباني في إرواء الغليل: ٤ / ٢٤٥، وانظر: تلخيص الحبير: ٢ / ٢٧٨.
(٢) قطعة من حديث أخرجه أبو داود في المناسك، باب في مال الكعبة: ٢ / ٤٤١-٤٤٢، بلفظ " ... إن صيد وَجّ وعضاهه حرم، محرم لله.."، والإمام أحمد في المسند برقم (١٤١٦) طبع الحلبي، وصححه أحمد شاكر. قال المنذري: في إسناده محمد بن عبد الله بن إنسان الطائفي وأبوه، فأما محمد فسئل عنه الرازي فقال: ليس بالقوي، وفي حديثه نظر، وذكره البخاري في تاريخه الكبير ج١ ق١ / ١٤٠، وذكر له هذا الحديث، وقال: لم يتابع عليه. وذكر أباه وأشار إلى هذا الحديث، وقال: لم يصح حديثه. وقال البستي: عبد الله بن إنسان، روى عنه ابنه محمد ولم يصح حديثه. وقال الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير: ٢ / ٢٨٠ "سكت عليه أبو داود، وحسنه الترمذي وسكت عليه عبد الحق، وذكر الذهبي أن الشافعي صححه، وذكر الخلال أن أحمد ضعفه". وقال النووي في المجموع: ٧ / ٤٤٩ "رواه البيهقي وإسناده ضعيف".

<<  <  ج: ص:  >  >>