للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَلِكَ بَلْ كُلُّ مَا أَوْجَبَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةِ يَمِينٍ أَوْ فِدْيَةٍ أَوْ جَزَاءِ صَيْدٍ فِي الْإِحْرَامِ أَوْ فِي الْحَرَمِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ التَّطَوُّعِ بِخِلَافِ قَضَاءِ رَمَضَانَ وَحُكْمُ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْأَمَةِ الَّتِي لِلْوَطْءِ كَالزَّوْجَةِ وَأَمَّا الْخَادِمُ الَّتِي لِلْخِدْمَةِ وَالْعَبْدُ فَلَيْسَ عَلَيْهِمَا اسْتِئْذَانُ السَّيِّدِ إذَا لَمْ يَضُرَّ الصَّوْمُ بِخِدْمَةِ السَّيِّدِ قَالَهُ فِي رَسْمِ الشَّجَرَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: وَإِذَا أَذِنَ لَهُمْ فِي صِيَامِ التَّطَوُّعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْإِذْنِ وَإِنْ صَامُوا بِإِذْنِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُفْطِرَهُمْ، انْتَهَى.

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيّ: مَنْ صَامَ مِنْهُنَّ وَلَوْ دُونَ إذْنٍ لَمْ يَجُزْ فِطْرُهُ وَانْظُرْ هَلْ لِلزَّوْجِ إفْطَارُهُنَّ، انْتَهَى.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَهُنَّ وَلِذَلِكَ جَزَمَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِهَا وَإِذَا عَلِمَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا فَلَا تَتَطَوَّعُ بِالصَّوْمِ وَلَهُ أَنْ يُفْطِرَهَا إنْ شَاءَ، انْتَهَى. فَانْظُرْهُ (فَرْعٌ) قَالَ فِي رَسْمِ الْجَامِعِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الصِّيَامِ قَالَ أَصْبَغُ: سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ وَسُئِلَ عَنْ النَّصْرَانِيَّةِ تَحْتَ الْمُسْلِمِ أَيُفْطِرُهَا فِي صِيَامِهَا الَّذِي تَصُومُهُ مَعَ أَهْلِ دِينِهَا قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يُكْرِهَهَا عَلَى مَا عَلَيْهِ أَهْلُ دِينِهَا وَمِلَّتِهَا يَعْنِي شَرَائِعَهَا وَلَا عَلَى أَكْلِ مَا يَجْتَنِبُونَ فِي صِيَامِهِمْ أَوْ يَجْتَنِبُونَ أَكْلَهُ رَأْسًا لَيْسَ ذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ قَالَ أَصْبَغُ: وَلَا عَلَيْهِ مَنْعُهَا إيَّاهُ كُرْهًا وَلَا لَهُ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: ٢٥٦] وَقَرَأَ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] {لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} [الكافرون: ٢] . حَتَّى بَلَغَ {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: ٦] قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: وَهُوَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِمَّا تَتَشَرَّعُ بِهِ وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ أَكْلِ الْخِنْزِيرِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالذَّهَابِ إلَى الْكَنِيسَةِ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: لَهُ مَنْعُهُمَا مِنْ أَكْلِ الْخِنْزِيرِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ دِينِهَا وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْكَنِيسَةِ إلَّا فِي الْفَرْضِ.

[بَابٌ الِاعْتِكَافُ]

ص (بَابٌ الِاعْتِكَافُ نَافِلَةٌ)

ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الِاعْتِكَافُ لُزُومُ مَسْجِدٍ مُبَاحٍ لِقُرْبَةٍ نَاجِزَةٍ بِصَوْمٍ مَعْزُومٍ عَلَى دَوَامِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً سِوَى وَقْتِ خُرُوجِهِ لِجُمُعَةٍ أَوْ بِمُعَيَّنِهِ الْمَمْنُوعِ فِيهِ، انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ نَافِلَةٌ أَيْ مُسْتَحَبَّةٌ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الِاعْتِكَافُ قُرْبَةٌ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: لَمْ يُبَيِّنْ مَا رُتْبَتُهُ فِي الْقُرَبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ إذْ لَوْ كَانَ سُنَّةً لَمْ يُوَاظِبْ السَّلَفُ عَلَى تَرْكِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْقَاضِي هُوَ قُرْبَةٌ كَالشَّيْخِ نَفْلُ خَيْرٍ الْكَافِي فِي رَمَضَانَ سُنَّةٌ وَفِي غَيْرِهِ جَائِزٌ. الْعَارِضَةِ: سُنَّةٌ لَا يُقَالُ فِيهِ مُبَاحٌ وَقَوْلُ أَصْحَابِنَا فِي كُتُبِهِمْ جَائِزٌ جَهْلٌ ابْنُ عَبْدُوسٍ رَوَى ابْنُ نَافِعٍ مَا رَأَيْت صَحَابِيًّا اعْتَكَفَ وَقَدْ اعْتَكَفَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى قُبِضَ وَهُمْ أَشَدُّ النَّاسِ اتِّبَاعًا فَلَمْ أَزَلْ أُفَكِّرُ حَتَّى أَخَذَ بِنَفْسِي أَنَّهُ لِشِدَّتِهِ نَهَارُهُ وَلَيْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ كَالْوِصَالِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَعَ وِصَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ ابْنُ رُشْدٍ مِنْهُ كَرَاهِيَةَ مَالِكٍ، انْتَهَى. وَحِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهِ التَّشَبُّهُ بِالْمَلَائِكَةِ الْكِرَامِ فِي الِاسْتِغْرَاقِ فِي الْعِبَادَةِ وَحَبْسِ النَّفْسِ عَنْ الشَّهَوَاتِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ

ص (وَصِحَّتُهُ بِمُطْلَقِ صَوْمٍ)

ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَوْ مَنَعَ مَرَضٌ صَوْمَهُ فَقَطْ فَفِي بَقَائِهِ بِمُعْتَكَفِهِ وَخُرُوجِهِ حَتَّى يَصِحَّ قَوْلَا الْقَاضِي مَعَ تَخْرِيجِ اللَّخْمِيِّ عَلَى قَوْلِهَا إنْ صَحَّ أَوْ طَهُرَتْ، وَرِوَايَةُ الْمَجْمُوعَةِ وَيَخْرُجُ مِنْهُ لِطُرُوِّ حَيْضٍ أَوْ مَرَضٍ يَمْنَعُهُ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ، انْتَهَى.

قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَيُخْتَلَفُ فِي اعْتِكَافِ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ كَالرَّجُلِ الضَّعِيفِ الْبِنْيَةِ وَالْمُسْتَعْطِشِ وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ قِيَاسًا عَلَى الْمُعْتَكِفِ فِي الْمَرَضِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الِاعْتِكَافِ سِوَى الصَّوْمِ أَوْ يَمْرَضُ مَرَضًا لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْمَقَامِ فَيَخْرُجُ ثُمَّ يَصِحُّ فِي بَعْضِ يَوْمٍ وَكَذَا الْحَائِضُ تَطْهُرُ فِي بَعْضِ يَوْمٍ هَلْ يَرْجِعَانِ حِينَئِذٍ وَمَنْ مَضَى لَهُ يَوْمُ الْفِطْرِ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنْ اعْتِكَافِهِ فَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الْأَصْلِ أَنْ يَكُونَ فِي مُعْتَكَفِهِ وَهُوَ مُفْطِرٌ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>