للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَضَمَّنَ مَالًا فَهَلْ يُقْبَلُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ قَوْلَانِ، انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَأَحْضَرَ الْعُلَمَاءَ وَشَاوَرَهُمْ)

ش: عَطَفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّ أَشْهَبَ وَمُحَمَّدًا يَقُولَانِ يُحْضِرُهُمْ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ يَقُولَانِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْضِرَهُمْ وَلَكِنْ يُشَاوِرَهُمْ، كَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَيَّدَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنْ يَكُونَ مُقَلَّدًا فَلَا يَسَعُهُ الْقَضَاءُ إلَّا بِمَحْضَرِهِمْ، قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَقَوْلُ مُطَرِّفٍ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ فَكَّرَ الْقَاضِي فِي حَالِ حُضُورِهِمْ كَحَالِهِ فِي عَدَمِ حُضُورِهِمْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ حُضُورُهُمْ يُكْسِبُهُ حَجْرًا حَتَّى لَا يُمْكِنَهُ التَّأَمُّلُ لِمَا هُوَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْقَاضِي مِنْ الْبَلَادَةِ عَلَى حَالٍ لَا يُمْكِنُهُ ضَبْطُ قَوْلِ الْخَصْمَيْنِ وَيَتَصَوَّرُ مَقَاصِدَهُمَا حَتَّى يَسْتَفْتِيَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَرْتَفِعُ أَيْضًا الْخِلَافُ وَلَا يُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِ حُضُورِهِمْ، انْتَهَى.

وَقَالَ فِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ: (تَنْبِيهٌ) إطْلَاقُهُمْ الْمُشَاوَرَةَ ظَاهِرُهُ عَالِمًا كَانَ بِالْحُكْمِ أَوْ جَاهِلًا وَفِي الطُّرَرِ لِابْنِ عَاتٍ لَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُشَاوِرَ فِيمَا يَحْكُمُ فِيهِ إذَا كَانَ جَاهِلًا لَا يُمَيِّزُ الْحَقَّ مِنْ الْبَاطِلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أُشِيرَ عَلَيْهِ وَهُوَ جَاهِلٌ لَمْ يَعْلَمْ أَحَكَمَ بِحَقٍّ أَمْ بِبَاطِلٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ الْحَقُّ وَلَا يَحْكُمُ بِقَوْلِ مَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ تَقْلِيدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ مِنْ حَيْثُ تَبَيَّنَ لِلَّذِي أَشَارَ عَلَيْهِ، انْتَهَى. وَهَذَا الْأَخِيرُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - فِي الْمُجْتَهِدِ وَفِي التَّبْصِرَةِ أَيْضًا، قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ: الْقَاضِي مَأْمُورٌ بِالِاسْتِشَارَةِ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ وَبَحَثُوا فِيهِ تَثِقُ بِهِ النَّفْسُ مَا لَا تَثِقُ بِوَاحِدٍ إذَا اسْتَبَدَّ بِرَأْيِهِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُهُمْ مُقَلِّدِينَ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي الْفَتْوَى فِيمَا لَيْسَ بِمَسْطُورٍ بِحَسَبِ مَا يَظُنُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ يَقْتَضِي أُصُولَ الْمَذْهَبِ، انْتَهَى.

وَفِي التَّوْضِيحِ، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِهِ: وَمَنْ لَمْ يَسْتَشِرْ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالدِّينِ فَعَزْلُهُ وَاجِبٌ هَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ، انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ آلَ عِمْرَانَ وَفِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّ أَحْوَالَ الْخُلَفَاءِ دَلَّتْ عَلَى اتِّفَاقِهِمْ عَلَى الْمُشَاوَرَةِ لَا سِيَّمَا فِي الْمُشْكِلَاتِ، انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ: وَأَحْضَرَ الْعُلَمَاءَ أَوْ شَاوَرَهُمْ هَلْ عَلَى الْوُجُوبِ أَوْ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ؟ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَا يُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِ حُضُورِهِمْ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ عَطِيَّةَ وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ لِلْمَازِرِيِّ أَنَّ حُضُورَهُمْ وَاجِبٌ وَكَذَا ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ فَإِنَّهُ عَدَّهُ فِي الْأُمُورِ الَّتِي تَلْزَمُ الْقَاضِيَ فِي سِيرَتِهِ فِي الْأَحْكَامِ، وَاللُّزُومُ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْوُجُوبِ وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَثِقَ بِرَأْيِهِ وَيَتْرُكَ الْمُشَاوَرَةَ أَنَّ الْمُشَاوَرَةَ مُسْتَحَبَّةٌ أَوْ أَوْلَى فَتَأَمَّلْهُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ نَصًّا يَشْفِي الْغَلِيلَ

[فَرْعٌ الْقَاضِي لَا يَسْتَشِيرُ مَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ فِيمَا شَهِدَ فِيهِ]

(فَرْعٌ) ، قَالَ سَحْنُونٌ: لَا يَسْتَشِيرُ مَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ فِيمَا شَهِدَ فِيهِ حَكَاهُ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ غَيْرُ سَحْنُونٍ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ، انْتَهَى مُخْتَصَرًا مِنْ التَّبْصِرَةِ وَاقْتَصَرَ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ (فَرْعٌ) ، قَالَ فِي رَسْمِ سَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الْأَقْضِيَةِ: رَأَيْت مَالِكًا كَتَبَ إلَى عَامِلٍ فِي قَضَاءٍ كَانَ أَمْضَاهُ عَامِلَانِ قَبْلَهُ فَيَنْظُرُ فِيهِ فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَعِينُ بِالْكَتْبِ إلَيْهِ فِيهِ فَكَتَبَ إلَيْهِ إنْ كَانَ مَنْ قَبْلَك أَمْضَاهُ بِحَقٍّ فَأَنْفِذْهُ لِصَاحِبِهِ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْفَقِيهِ الْمَقْبُولِ الْقَوْلِ أَنْ يَكْتُبَ لِلْحُكَّامِ بِالْفَتْوَى وَيُعْلِمَهُمْ مَا يَصْنَعُ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ الْحَاكِمُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْقُضَاةِ وَأَمَّا الْقُضَاةُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ إلَيْهِمْ بِمَا يَفْعَلُونَ إلَّا أَنْ يَسْأَلُوهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى أَنَفَةٍ تُؤْذِي، انْتَهَى.

[مَسْأَلَة دَعَا الْقَاضِي الْعُدُولَ إلَى قَضِيَّةٍ يَنْظُرُونَ فِيهَا مِنْ فَرْضِ نَفَقَةٍ أَوْ إقَامَةِ حُدُودٍ]

(مَسْأَلَةٌ) إذَا دَعَا الْقَاضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>