للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوَّلِ السُّكُونُ وَالتَّحْرِيكُ بِالْفَتْحِ، وَفِي الثَّانِي السُّكُونُ لَا غَيْرُ، قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَبَعْضُ الْعَوَامّ يَضُمُّونَ الرَّاءَ الْأُولَى، وَإِنَّمَا هِيَ سَاكِنَةٌ وَيَجُوزُ تَحْرِيكُهَا بِالْفَتْحِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَيَجُوزُ فِيهَا الْجَزْمُ وَالتَّحْرِيكُ بِالضَّمِّ انْتَهَى.

(قُلْتُ) التَّحْرِيكُ بِالْفَتْحِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَكَلُّفٍ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ وَصْلٌ بِنْيَةِ الْوَقْفِ ثُمَّ اُخْتُلِفَ فَقِيلَ: هِيَ حَرَكَةُ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكْسِرُوا حِفْظًا لِتَفْخِيمِ اللَّامِ، وَقِيلَ: حَرَكَةُ هَمْزَةِ الْوَصْلِ نُقِلَتْ إلَى الرَّاءِ، قَالَ ابْنُ هِشَامٍ فِي الْمُغْنِي: وَهَذَا خُرُوجٌ عَنْ الظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ دَاعٍ وَلَيْسَ لِهَمْزَةِ الْوَصْلِ ثُبُوتٌ فِي الدَّرْجِ فَتَثْبُتُ حَرَكَتُهَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) ظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي جُمَلِ الْأَذَانِ كُلِّهَا وَنَقَلَ ابْنُ فَرْحُونٍ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي التَّكْبِيرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنْ أَلْفَاظِ الْأَذَانِ فَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّهُ نَطَقَ بِهِ إلَّا مَوْقُوفًا.

ص (بِلَا فَصْلٍ وَلَوْ بِإِشَارَةٍ لِكَلَامٍ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ كَلِمَاتِهِ يُخْرِجُهُ عَنْ نِظَامِهِ فَلَا يُفْصَلُ بَيْنَهُمَا بِكَلَامٍ وَلَا سَلَامٍ، وَلَا رَدِّهِ وَلَوْ بِإِشَارَةٍ لِرَدِّ سَلَامٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَتَكَلَّمُ فِي أَذَانِهِ وَلَا فِي تَلْبِيَتِهِ وَلَا يَرُدُّهُ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِمَا، قَالَ سَنَدٌ: أَمَّا كَلَامُهُ فَمَكْرُوهٌ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْعُمْدَةِ وَيُمْنَعُ الْأَكْلَ، وَالشُّرْبَ، وَالْكَلَامَ وَرَدَّ السَّلَامِ انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَأَمَّا اشْتِغَالُهُ بِأَمْرٍ عَادِيٍّ مِنْ أَكْلٍ أَوْ كَلَامٍ فَلَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً.

(فَرْعٌ) فَإِنْ اُضْطُرَّ لِلْكَلَامِ مِثْلَ أَنْ يَخَافَ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ أَعْمَى أَنْ يَقَعَ فِي بِئْرٍ، فَإِنَّهُ يَتَكَلَّمُ وَيَبْنِي، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ، قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ مَا لَمْ يُطِلْ فَإِنْ طَالَ ابْتَدَأَ وَلَوْ كَانَ لِحِفْظِ آدَمِيٍّ، نَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) ، قَالَ فِي الطِّرَازِ إذَا قُلْنَا لَا يَرُدُّ بِإِشَارَةٍ وَلَا غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَرُدُّ بَعْدَ فَرَاغِهِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ الْمَسْبُوقُ إذَا أَتَمَّ صَلَاتَهُ يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا انْتَهَى.

(قُلْتُ) يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ يَرُدُّ أَيْضًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الَّذِي سَلَّمَ عَلَيْهِ حَاضِرًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا يَتَكَلَّمُ فِيهِ وَلَا يَرُدُّ سَلَامًا وَيَرُدُّ بَعْدَهُ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي الشَّامِلِ.

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَسَمِعَ مُوسَى ابْنَ الْقَاسِمِ: إنْ رَعَفَ مُقِيمٌ أَوْ أَحْدَثَ قَطَعَ وَأَقَامَ غَيْرُهُ، وَإِنْ رَعَفَ مُؤَذِّنٌ تَمَادَى فَإِنْ قَطَعَ وَغَسَلَ الدَّمَ ابْتَدَأَ، اللَّخْمِيُّ إنْ قَرُبَ يَبْنِي انْتَهَى. وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ تَقْيِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ نَاجِي، وَإِنْ أَرَادَ غَيْرُهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى أَذَانِهِ فَلَا يَفْعَلُ وَلْيَبْتَدِئْ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الطِّرَازِ فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الْأَذَانِ أَوْ جُنَّ ثُمَّ أَفَاقَ بَنَى فِيمَا قَرُبَ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْإِقَامَةِ انْتَهَى. وَكَلَامُ أَشْهَبَ فِي الْإِقَامَةِ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِاخْتِصَارٍ، وَنَصَّهُ: " أَشْهَبُ إنْ رَعَفَ مُقِيمٌ أَوْ أَحْدَثَ أَوْ مَاتَ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ ابْتَدَأَ فَإِنْ بَنَى هُوَ أَوْ غَيْرُهُ أَجْزَأَ الشَّيْخُ يُرِيدُ تَوَضَّأَ بَعْدَ إفَاقَتِهِ، وَصَحَّحَ إقَامَةَ الْمُحْدِثِ، وَتَعَقَّبَهُ التُّونُسِيُّ بِأَنَّ وَضُوءَهُ طُوِّلَ وَإِقَامَةَ الْمُحْدِثِ لَا تَجُوزُ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي، وَقَالَ قَبْلَهُ: وَإِنْ رَعَفَ أَوْ أَحْدَثَ فِي الْإِقَامَةِ فَلْيَقْطَعْ وَيُقِمْ غَيْرَهُ انْتَهَى. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ حُكْمُ الْإِقَامَةِ]

(فَرْعٌ) وَحُكْمُ الْإِقَامَةِ كَحُكْمِ الْأَذَانِ كَمَا، قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: وَلَا يَفْصِلُ الْمُؤَذِّنُ وَالْمُقِيمُ مَا شَرَعَا فِيهِ بِسَلَامٍ ابْتِدَاءً وَلَا بِرَدِّ سَلَامٍ وَلَا بِتَشْمِيتِ عَاطِسٍ، وَلَا كَلَامٍ أَلْبَتَّةَ فَإِنْ فَرَّقَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ بِمَا ذُكِرَ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ سُكُوتٍ أَوْ جُلُوسٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>