وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنَّهَا تَغْتَسِلُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ، وَإِنْ شَكَكْنَ فِيهَا عَدَّتْ ذَلِكَ حَيْضًا؛ لِأَنَّ مَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ مِنْ الدَّمِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ حَيْضٌ حَتَّى يُوقِنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ مِنْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ، وَجَلَّ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: ٢٢٢] ، وَالْأَذَى الدَّمُ الْخَارِجُ مِنْ الرَّحِمِ فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ حَيْضٌ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ، وَهَذَا مَا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَبِاَللَّهِ أَسْتَعِينُ انْتَهَى، وَنَقَلَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ فِي الشَّكِّ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ أَتَتْ بَعْدَهَا بِوَلَدٍ لِدُونِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ لَحِقَ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ)
ش: الضَّمِيرُ فِي بَعْدَهَا عَائِدٌ عَلَى الْعِدَّةِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ عِدَّةَ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَتَزَوَّجْ غَيْرَ هَذَا الزَّوْجِ أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ، وَأَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ عَقْدِ الثَّانِي، وَحِينَئِذٍ يُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ نَاكِحٌ فِي عِدَّةٍ، وَتَرْجِعُ إلَى الْأَوَّلِ، وَأَمَّا لَوْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ، فَهُوَ لَاحِقٌ بِالثَّانِي قَطْعًا انْتَهَى.
ص (، وَتَرَبَّصَتْ إنْ ارْتَابَتْ بِهِ، وَهَلْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا خِلَافٌ)
ش: يَعْنِي فَإِذَا مَضَتْ الْخَمْسَةُ أَوْ الْأَرْبَعَةُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ حَلَّتْ، وَلَوْ بَقِيَتْ الرِّيبَةُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ تَرْجَمَةِ الْمَنْعِيِّ لَهَا زَوْجُهَا مِنْ كِتَابِ الْعِدَّةِ، وَلَا تُنْكَحُ مُسْتَبْرَأَةَ الْبَطْنِ إلَّا بَعْدَ زَوَالِ الرِّيبَةِ أَوْ بَعْدَ خَمْسِ سِنِينَ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَبُو الْحَسَنِ وَإِنْ قَالَتْ أَنَا بَاقِيَةٌ عَلَى رِيبَتِي؛ لِأَنَّ خَمْسَ سِنِينَ أَمَدُ مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ الْحَمْلُ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ أَوْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ انْتَهَى، وَنَحْوُهُ لِلَّخْمِيِّ، وَنَصُّهُ كِتَابُ الْعِدَّةِ فِي بَابِ صِفَةِ الْعَدَدِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ قَالَ، وَالطَّلَاقُ، وَالْوَفَاةُ فِي هَذَا سَوَاءٌ إلَّا فِي أَنْ تَذْهَبَ الرِّيبَةُ قَبْلَ ذَلِكَ أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ اُنْظُرْ بَقِيَّتَهُ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَهَذَا إذَا كَانَتْ الرِّيبَةُ هَلْ حَرَكَةُ مَا فِي بَطْنِهَا حَرَكَةُ وَلَدٍ أَوْ حَرَكَةُ رِيحٍ، وَأَمَّا إنْ تَحَقَّقَ وُجُودُ الْوَلَدِ فَلَا تَحِلُّ أَبَدًا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ فِي تَبْصِرَتِهِ، وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ قَبْلَ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَالَ الشَّيْخُ الرِّيبَةُ عَلَى، وَجْهَيْنِ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ حَمْلٌ، وَإِنَّمَا كَانَتْ الرِّيبَةُ لِأَجْلِ طُولِ الْمُدَّةِ، وَالْخُرُوجُ عَنْ الْعَادَةِ فَشَكَّتْ هَلْ هُوَ حَمْلٌ أَمْ لَا لَمْ تَحِلَّ أَبَدًا، وَإِذَا صَحَّ عَنْ بَعْضِ النِّسَاءِ أَنَّهَا، وَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ، وَأُخْرَى لِخَمْسٍ، وَأُخْرَى لِسَبْعٍ جَازَ أَنْ تَكُونَ الْأُخْرَى لِأَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ الرِّيبَةُ، وَالشَّكُّ هَلْ هِيَ حَرَكَةُ الْوَلَدِ أَمْ لَا حَلَّتْ، وَلَمْ تُحْبَسْ عَنْ الْأَزْوَاجِ انْتَهَى، وَكَأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، وَهَذَا الْكَلَامُ مَنْقُولٌ عَنْهُ مِنْ أَبِي الْحَسَنِ؛ لِأَنَّ النُّسْخَةَ الَّتِي عِنْدِي مِنْ التَّبْصِرَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْهَا تَصْحِيفٌ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْخَامِسَةُ يَعْنِي مِنْ الْمُعْتَدَّاتِ الْمُرْتَابَةُ فِي الْحَمْلِ بِحَبْسِ بَطْنِ عِدَّتِهَا بِوَضْعِهِ أَوْ مُضِيِّ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِهِ، ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ تَحَقَّقَ حَمْلُهَا، وَالشَّكُّ لِأَجْلِ طُولِ الْمُدَّةِ لَمْ تَحِلَّ أَبَدًا انْتَهَى. فَمَفْهُومُ قَوْلِهِ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِهِ مَعَ مَا نَقَلَهُ عَنْ اللَّخْمِيِّ يَدُلُّ عَلَى مَا قَيَّدَ بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْمُعْتَدَّةُ إذَا مَاتَ الْحَمْلُ فِي بَطْنِهَا]
(فَرْعٌ) فَإِنْ مَاتَ فِي بَطْنِهَا فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِخُرُوجِهِ كَمَا سَيَأْتِي نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ الْمَشَذَّالِيِّ وَابْنِ سَلْمُونٍ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَاسْتَمَرَّ إنْ مَاتَ لَا إنْ مَاتَتْ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَرْعٌ عدة الْحَامِل]
ص (، وَعِدَّةُ الْحَامِلِ فِي مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ، وَضْعُ حَمْلِهَا كُلِّهِ) .
ش: (فَرْعٌ) قَالَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَهُ فِي النَّوَادِرِ فِي كِتَابِ الْعِدَّةِ، وَلَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute